أنا أم لشاب عمره 14 عامًا، ومشكلتي أنني أشعر بأنه "طيب " بشكل مفرط، مما يعرضه للاستغلال من الآخرين، فصوته منخفض دائمًا مع أصدقائه والباعة، ومن الممكن أن يقرض أصحابه مالًا من مصروفه ويكون هو محتاج إليه، ولا يعتذر بل إنه لا يطلب رده، وأثناء المصيف مثلًا يتعرض للاستغلال نفسه من أولاد عمومته فيطلبون منه شراء احتياجات لهم ولا يمانع لشعوره بالخجل منهم، ويستخدمون أدواته وحاجياته الخاصة باستباحة وهو لا يعترض، وأحيانًا يورطونه في مشكلاتهم فيضطر للكذب من أجل ارضاء احدهم على حساب الآخر، وهكذا.
أشعر أنه سيكون ضعيف الشخصية وسط الرجال عندما يكبر وهذا يقلقني بشدة، ما الحل؟
الرد:
لاشك أن محقة يا عزيزتي في عدم موافقتك على تصرفات ابنك، فعدم القدرة على قول "لا" والرفض لما لا يناسبه، أو يضره، وعدم القدرة على الاعتذار عن فعل شيء فوق طاقته أو ليس باستطاعته، وعدم قدرته على المحافظة على ممتلكاته، وقيمه، وأخلاقه، وحماية نفسه من تجاوزات الآخرين، هو مما يوحي بضعف الشخصية، واهتزاز الثقة بالنفس، والشعور بعدم الاستحقاق، وعدم تقدير الذات واحترامها.
لذا فالحل أن يتم قبوله أولًا بمميزاته وعيوبه هذه وغيرها من قبلكم، من أسرته، ولأن القبول لا يعني "الموافقة"، فلابد من ابداء عدم الموافقة على هذه "السلوكيات"، وليس النقد لشخص ولدك، ولا توبيخه ولا لومه.
لابد من تعويده على علاقة صحية داخل الأسرة أولًا، فلا ترضي أنت ولا والده بممارسة هذه التصرفات داخل الأسرة، لابد أن يتعلم التعبير عن مشاعره معكم أولًا، فلا يكتم غضبه، ولا حزنه، ولا يدفنها لأجل أحد، لابد أن يتعلم أن هذا حق نفسه عليه، لابد أن يتعلم حماية نفسه يا عزيزتي وعواقب ما يفعله على نفسه، لابد أن يقبل نفسه ويحبها بكل ما فيها، ولا يستسلم في الوقت نفسه لنقاط ضعفه، ويضع حدودًا لا يسمح للآخرين بتجاوزها، واستباحته، وما يملك.
شجعي ولدك على التغيير، وراجعوا أنتم داخل البيت علاقاتكم ومعاملاتكم، فلابد أن هناك داخل البيت ما أحدث هذا بابنك، فالتنشئة هي مربط الفرس، والعلاقات السائدة داخل الأسرة هي اللبنة الأولى في تشكيل شخصية الأبناء، وهم في البداية يقلدون ما يرونه، ويتطبعون بما يعيشون فيهن لابد ان تنتبهي جيدًا إلى أن الطفل يلاحظ جيدًا كيف يتصرف والديه مع الناس، وكيف يتعاملون مع بعضهم البعض، ويستمد علاقته بنفسه وبالآخرين من خلال علاقته بكم.
شخصية ابنك الاستقلالية، المسئولة، القوية، التي ستنعكس على طريقة تفكيره، ومشاعره، وتصرفاته، ولغة جسده، وكل شيء، ستنمو وستنضج وسيتغير كل شيء لو أصبح مستوى الوعي لديك وباقي الأسرة كما ذكرت لك، فلا تحكمي عليه أنه سيظل هكذا حتى يصبح رجلًا، خاصة لو ساهمت بايجابية في الأخذ بيديه لخوض رحلة التغيير هذه ، والكبران النفسي، ولا تترددي في طلب مساعدة نفسية متخصصة تساعد ابنك على بناء ذاته، والوعي بها، وتكوين شخصيته بطريقة صحية، مدروسة، بدلًا من التخبط والعشوائية.
ودمت بخير ووعي وسكينة.
اظهار أخبار متعلقة
اظهار أخبار متعلقة