قبول الأشياء التي لا يمكن تغييرها، من الأمور الصعبة جدًا على قلوب الناس، كأن تتزوج امرأة ذات لسان سليط، ولا يمكن تطليقها لعدة أسباب منها: وجود أولاد أو لأن مهرها غالٍ ولا تستطيع رده، وهكذا.. لذلك كان أحد الحكماء يدعو الله عز وجل قائلا: «اللهم امنحني السكينة لأتقبل الأشياء التي لا أستطيع تغييرها، والشجاعة لتغيير الأشياء التي أستطيع تغييرها والحكمة لمعرفة الفرق بينهما».. إذن يا من لا تستطيع تغيير الأشياء، ومع ذلك تتعايش معها جبرًا أو غصبًا، أين الله سبحانه وتعالى من دعائك؟.. هلا سألته التغيير ولم يسمعك؟!.. بالتأكيد لم تدعه من الأساس.. لأنه سبحانه لا يمكن أن يرد دعاء عبد لجأ إليه مهما كانت الأسباب.
الرضا بالأمر الواقع
نعم علمنا الإسلام، الرضا والقبول بما قدره الله عز وجل لنا، لكن هناك فرق بين الرضا، وبين الخضوع والخنوع، فالأول يأتي عن طيب نفس، ونزولا على رغبة الله عز وجل، وأملا في طاعته، أما الثانية فلا يمكن قبولها إلا لله عز وجل، وما ذلك إلا لأن الرضا من سمات أهل الإيمان واليقين في الله سبحانه، قال عز وجل: «إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ * جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ » (البينة: 7، 8)، بينما الخنوع هو عكس الرضا، لأنك تسلم نفسك ذليلا لأحدهم، وأنت غير موقن في أن الله عز وجل قادر على حل مشاكلك، وإخراجك من أي ورطة كانت.
اقرأ أيضا:
وإن سألوك عن السعادة؟.. قل هذا مفتاحهاطعم الإيمان
فإن كنت عزيزي المسلم، تعيش بعض الخنوع، لأمر ما لا تستطيع تغييره، فالجأ إلى من يستطيع الدنيا وما فيها بكلمة، إلى الذي شق البحر لموسى عليه السلام بكلمة.. وإلى الذي شفى نبيه أيوب عليه السلام بكلمة، وإلى الذي نجا إسماعيل عليه السلام من الذبح بكلمة.. فكيف به يرفض لك دعاءًا، وأنت تسأل كبيرصا متعال، فلا تتردد وارفع يدك إلى السماء، تنل ما طلبت إن آجلا أو عاجلا.. فعن العباس بن عبدالمطلب رضي الله عنه، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ذاق طعم الإيمان: من رضي بالله ربًا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولا».