دائمًا ما يتصيد أعداء الإسلام قضية ضرب المرأة في القرآن الكريم، لهدم حقوقها التي نص عليها القرآن نفسه، وإنما يهدفون إلى ذلك من أجل الطعن في الإسلام، متسائلين: " كيف يكون هذا التناقض من خلال نص القرآن الكريم على حقوقها والأمر بضربها في نفس الوقت؟" استنادًا لقوله تعالى في سورة النساء: " الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ۚ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ ۚ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ ۖ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا (34)".
وجاء عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: (لا يُسأل الرجل: فيم ضرب امرأته)؟ أخرجه أبوداود.
ويقول الشيخ محمد حامد الفقي مؤسس جمعة أنصار السنة، إن عدوان الرجل على المرأة مرفوض وهو كعدوان المرأة على الرجل مرفوض عقلاً ونقلاً وعدلاً ولا أدري كيف قيل هذا الكلام ونسب إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – .
وأضاف الفقي أن من قواعد الجزاء الأخروي قوله تعالى:”فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ. وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ” (الزلزلة: 7-8)، متسائلا: " فهل الزوجة وحدها هي التي تخرج عن هذه القاعدة فلا يُسأل الرجل فيم ضربها؟!!".
اقرأ أيضا:
عبد الله مخلصا 500عام وقذف في النار .. هذا هو السبب .. اللهم ادخلنا الجنة بفضلك وليس بعدلكمسوغات ضرب الزوجات
ويوضح الشيخ الفقي أن ما يقع هو النشوز، ومعنى الكلمة الترفّع والاستعلاء، أي أن المرأة تستكبر وتتعالى على الزوج وتستنكف من طاعته ويدفعها هذا إلى كراهية الاتصال به في أمسّ وظائف الزوجية، فيبيت وهو عليها ساخط! وقد يدفعه هذا إلى ضربها.!.
وتابع: "هناك أمر آخر أفحش أن تأذن في دخول بيته لغريب يكرهه مع ما في ذلك من شبهات تزلزل العلاقة الزوجية وتجعلها مضغة في الأفواه، ولم أجد في أدلة الشرع ما يسيغ الضرب إلا هذا وذاك..".
كيف يكون تأديب الزوجة؟
اتفق المفسرون على أن التأديب يكون بالسواك مثلاً! فلا يكون ضرباً مبرحاً، ولا يكون على الوجه! ففي الحديث (.. . لا تَضْرِبَ الْوَجْهَ وَلا تُقَبِّحْ…) أي لا تقل لها قبّحك الله.
ثم قال تعالى في الزوجات المستقرات المؤديات حق الله وحق الأسرة، “… فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا” (النساء:34).
حَكَما من أهله وحَكَما من أهلها!
رأى الإسلام – حتى بعد وقوع الطلاق– أن يجعل كلا الزوجين يواجه الآخر، لعل الذكريات الحلوة تغلب الذكريات المرّة، أو لعل الإيلاف يطرد الفراق على نحو ما قال أبو الطيب:
خُلِقتُ ألوفا، لو رجعت إلى الصبا لفارقت شيبي موجع القلب باكياً
ومن ثم وجب تدخُّل المجتمع لفضّ الاشتباك على مهل وإعادة المياه إلى مجاريها، وأولى الناس بأداء هذه المهمة أقارب الزوجين، فهما أرغب في الصلح وأبصر بالمصلحة وأقدر على التنفيذ، وهذا هو قوله تعالى:”وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا” (النساء:35).
وقد روى الشافعي بسنده عن علي بن أبي طالب – رضي الله عنه – أنه جاءه رجل وامرأة، ومع كل واحد منهما جماعة من ناس، فقال: ما شأن هذين؟ قالوا: وقع بينهما شقاق! قال عليّ فابعثوا حكماً من أهله وحكماً من أهلها.
ثم قال للحكمين: تدريان ما عليكما؟ إن رأيتما أن تجمعا جمعتما! وإن رأيتما أن تفرّقا فرقتُما، فقالت المرأة: رضيت بكتاب الله بما عليّ فيه وبما لي!.
وقال الرجل: أما الفرقة فلا..! قال عليّ كذبتَ حتى تقر بمثل ما أقرت به.. ومعنى اعتراض الزوج أنه لا يعطي للحكمين حق إيقاع الطلاق باسمه.. أي أن لهما الجمع لا التفريق! ولكن عليّاً كذبه! مبيناً أن للحكمين التوفيق أو التطليق أو المخالعة، وهذا هو كتاب الله..
اقرأ أيضا:
آيات قرآنية.. الملاذ الآمن عند التعرض للابتلاء