حذيفة بن اليمان صحابي جليل كان من الصحابة القلائل الذين أسلموا دون أن يروا النبي حيث لم تمكنه مشكلة ثار من العيش في مكة النبي ولد فيها إذ انتقل للمدينة وعاش فيها سنوات وكان هذا الأمر مثار تساؤل من الصحابي الجليل حيث خاطب النبي قائلا : هل من المهاجرين أم من الأنصار فرد عليه رسول الله ردا أثلج صدره حيث قال له أنت من المهاجرين والأنصار
حذيفة بن اليمان بن جابر العبسي ، كانوا يلقبونه أبا عبدالله ، وقد ذهب هو وأخيه إلى رسول الله صّل الله عليه وسلم واعتنقوا الإسلام وتربوا في ظل هذا الدين ، وكان حذيفة موهوبا في قراءة وجوه البشر فكان يمتلك البصر والبصيرة .
وفي مرة من المرات ذهب إلى رسول الله صّلي الله عليه وسلم وسأله : يا رسول الله إن لي لسانًا ذربًا على أهلي وأخشى أن يدخلني النار ، فقال له النبي : فأين أنت من الاستغفار ، فقال إني أستغفر الله في اليوم مائة مرة .
الصحابي الجليل كان غيورا جدا علي الدين وكانن مستعدا ليجود بنفسه دفاعا عن هذا الدين حيث شارك في غزوة أحد وكان شديد الإيمان والولاء للإسلام ، فقد رأى أبيه يقتل أمام عينيه وحزن عليه الجميع وكان ينظر إلى الناس شفقة عليهم وقال ، يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين وأنطلق في المعركة يقاتل بسيفه ويؤدي واجبه وبعدما انتهت المعركة علم رسول الله صّل الله عليه وسلم بما حدث وأمر له بالدية عن والده ولكن حذيفة تصدق بها على المسلمين مما زاد حب رسول الله له .
مناقب الصحابي الجليل كانت عديدة لدرجة أنهااسترعت انتباه رسول الذي قال : ما من نبي قبلي إلا قد أعطي سبعة نجباء رفقاء ، وأعطيت أنا أربعة عشر : سبعة من قريش : علي والحسن والحسين وحمزة وجعفر ، وأبو بكر وعمر ، وسبعة من المهاجرين : عبدالله ابن مسعود ، وسلمان وأبو ذر وحذيفة وعمار والمقداد وبلال .
مناقب الصحابي الجليل وصلت الذروة وهو مل عسكته كلمات خالدة للرسول صلي الله عليه وسلم عنه حيث قال ، فقال : إني إن استخلف عليكم فعصيتم خليفتي عذبتم ، ولكم ما حدثكم به حذيفة فصدقوه ، وما أقرأكم عبدالله بن مسعود فاقرؤوه .
والصحابي حذيفة بن اليمان كان بليغ اللسان وفقيها في أقواله ، فقد قال : ليس خياركم الذين يتركون الدنيا للآخرة ، ولا الذين يتركون الآخرة للدنيا ، ولكن الذين يأخذون من هذه ومن هذه ، وقال أيضًا : أنا أعلم الناس بكل فتنة هي كائنة فيما بيني وبين الساعة ، وما بي أن يكون رسول الله صّل الله عليه وسلم اسر إلي شيئاً لم يحدث به غيري ، وكان ذكر الفتن في مجلس أنا فيه ، فذكر ثلاثاً لا يذرن شيئاً ، فما بقي من أهل ذلك المجلس غيري .
بلاغة وفصاحة الصحابي الجليل بدت واضحة عندما قال :: إن الله تعالى بعث محمد صّلي الله عليه وسلم ، فدعا لناس من الضلالة إلى الهدى ، ومن الكفر إلى الايمان ، فاستجاب له من استجاب ، فحيى بالحق من كان ميتا ، ومات بالباطل من كان حيًا .
ومن النبوة وصل الصحابي الجليل للتطرق إلي صفحة بيضاء أخري في التاريخ الإسلامي حيث مضي للقول : وجاءت الخلافة على منهاجها ، ثم يكون ملكا عضوضًا ، فمن الناس من ينكر بقلبه ويده ولسانه ، أولئك استجابوا للحق ، ومنهم من ينكر بقلبه ولسانه ، كافا يده ، فهذا ترك شعبة من الحق ، ومنهم من ينكر بقلبه ، كافا يده ولسانه ، فهذا ترك شعبتين من الحق ، ومنهم من لا ينكر بقلبه ولا بيده ولا بلسانه ، فذلك ميت الأحياء .
مآثر الصحابي الجليل لم تتوقف عند هذا الحد بل انتقلت للظواهر الروحانية لدنيننا الحنيف حيث تحدث عن هدي القلوب القلوب فقال : القلوب أربعة : قلب أغلف ، فذلك قلب كافر وقلب مصفح ، فذلك قلب المنافق وقلب أجرد ، فيه سراج يزهر ، فذلك قلب المؤمن وقلب فيه نفاق و إيمان ، فمثل الإيمان كمثل شجرة يمدها ماء طيب ومثل المنافق كمثل القرحة يمدها قيح ودم ، فأيهما غلب غلب.الشجاعة كانت من المظاهر الغالبة علي شخصية الصحابي الجليل إذ حضر كل المشاهد والمعارك والغزوات التي قادها النبي محمد عدا معركة بدر, حيث كان قد سافر خارج المدينة آنذاك فوقع أسيرا في يد كفار قريش، وعند استجوابه أعلمه بأنه في طريقه إلى المدينة ولا علاقة له بمحمد وجماعته وعاهدهم بعدم مقاتلتهم، وحصل أن تركه الكفار فشد الرحيل مسرعا إلى رسول الإسلام له مخبرا إياه عن ما حصل وبأن الكفار يتأهبون للغزو، ولم يسمح له رسول الله بالمشاركة في المعركة إيفاء بعهده، لذا لم يشارك المسلمين تلك المعركة.
شهد حذيفة أحدا وما بعدها من المشاهد مع الرسول. وشهد فتح العراق والشام، وشهد اليرموك 13 هـ، وبلاد الجزيرة 17هـ ونصيبين وشهد فتوحات فارس.
وفي معركة نهاوند حيث احتشد الفرس في مائة ألف مقاتل وخمسين ألفاً، اختار أمير المؤمنين عمر لقيادة الجيوش المسلمة (النعمان بن مقرن) ثم كتب إلى حذيفة أن يسير اليه على رأس جيش من الكوفة، وأرسل عمر للمقاتلين كتابه يقول: "إذا اجتمع المسلمون، فليكن كل أمير على جيشه، وليكن أمير الجيوش جميعا (النعمان بن مقرن)، فاذا استشهد النعمان فليأخذ الراية حذيفة، فاذا استشهد فجرير بن عبد الله" وهكذا استمر يختار قواد المعركة حتى سمى منهم سبعة"..
والتقى الجيشان ونشب قتال قوي، وسقط القائد النعمان شهيداً، وقبل أن تسقط الراية كان القائد الجديد حذيفة يرفعها عالياً وأوصى بألا يذاع نبأ استشهاد النعمان حتى تنجلي المعركة، ودعا "نعيم بن مقرن" فجعله مكان أخيه "النعمان"تكريماً له، ثم هجم على الفرس صائحاً: "الله أكبر: صدق وعده، الله أكبر: نصر جنده" ثم نادى المسلمين قائلاً: "يا أتباع محمد، ها هي ذي جنان الله تتهيأ لاستقبالكم، فلا تطيلوا عليها الانتظار" وانتهى القتال بهزيمة ساحقة للفرس. وكان فتح همدان والري والدينور على يده وشهد فتح الجزيرة
وبعد حياة عامرة اقترب فيها من الرسول صلي الله عليه وسلم وزاد عن الإسلام بكل السبل ونافح عنه بالسيف والكلمة لقي الصحابي الجليل ربه عام 36هجرية بعد أقل من شهرين من وفاة الخليفة الراشد الثالث عثمان بن عفان رضي الله عنهما .