كان الصحابة رضي الله عنهم أصدق الناس مع النبي صلى الله عليه وسلم، ويكشفون له ما يدون في نفوسهم وخلجات صدورهم، حتى لو كان الأمر عظيما.
وكان النبي صلى الله الله عليه وسلم يقدّر لهم ذلك، ويعظّم هذه القيمة، حيث كان يقول: "إن أحبّ الحديث إلىّ أصدقه".
عن البراء بن عازب رضي الله تعالى عنهما قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد إلى أهل اليمن يدعوهم إلى الإسلام.
قال البراء فكنت فيمن خرج مع خالد بن الوليد فأقمنا ستة أشهر ندعوهم إلى الإسلام فلم يجيبوا.
ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم بعث علي بن أبي طالب مكان خالد وأمره أن يرجع خالدا، وقال: «مر أصحاب خالد من شاء منهم أن يعقب معك فليعقب ومن شاء فليقبل» .
وأضاف الصحابي البراء: فكنت فيمن عقب مع علي، فلما دنونا من القوم خرجوا إلينا فصلى بنا علي ثم صفنا صفا واحدا ثم تقدم بين أيدينا وقرأ عليهم كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلمت هَمْدان جميعا.
فكتب عليّ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بإسلامهم. فلما قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم الكتاب خر ساجدا ثم رفع رأسه وقال: " السلام على هَمْدان .. مرتين ".
وفي تفاصيل القصة أيضا : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن جيشين وأمّر عليا على أحدهما وعلي الآخر خالد بن الوليد.
وقال: «إذا كان قتال فعلي رضي الله تعالى عنه الأمير» . قال: فافتتح علي حصنا فغنم البراء أواقٍ ذوات عدد، وأخذ علي منه جارية.
قال: فكتب معي خالد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم- بشيء من الكلام- يعني النميمة- يخبره.
قال: فلما قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقرأ الكتاب رأيته يتغير لونه فقال: «ما ترى في رجل يحب الله ورسوله ويحبه الله تعالى ورسوله؟».
فقلت: أعوذ بالله من غضب الله تعالى وغضب رسوله، إنما أنا رسول. فسكت.
كما روى عن بريدة بن الحصيب رضي الله تعالى عنه قال: " أصبنا سبيا فكتب خالدا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ابعث إلينا من يخمسه" .
يقول : وفي السبي وصيفة هي من أفضل السبي. فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا إلى خالد ليقبض منه الخمس، فقبض منه فخمس وقسم، واصطفى علي سبية، فأصبح وقد اغتسل ليلا.
وتابع: وكنت أبغض عليا بغضا لم أبغضه أحدا، وأحببت رجلا من قريش لم أحبه إلا لبغضه عليا.
فقلت لخالد: ألا ترى إلى هذا؟ فقلت يا أبا الحسن ما هذا؟ قال ألم تر إلى الوصيفة فإنها صارت في الخمس ثم صارت في آل محمد ثم في آل علي فوقعت بها.
فلما قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكرت له ذلك.
وكتب خالد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: فقلت ابعثني، فبعثني، فجعل يقرأ الكتاب وأقول صدق، فإذا النبي صلى الله عليه وسلم قد احمّرَّ وجهه فقال: «من كنت وليه فعلي وليه» .
ثم قال: «يا بريدة أتبغض عليا؟» فقلت: نعم. قال: «لا تبغضه فإن له الخمس أكثر من ذلك».
قال بريدة: فما كان في الناس أحد أحبّ إليّ من علي.
اقرأ أيضا:
قصة النار التي أخبر النبي بظهورها