الجنة.. تلك النهاية التي يتمناها كل إنسان على وجه الأرض لاشك.. لكن بالتأكيد يختلف سعي كل شخص عن الآخر، للوصول لها، لكن من منا لم يحلم يومًا بها، ولما لا.. فالجنة ليست مجرد حقيقة قادمة فقط.. إنما هي كما قال أحد العلماء: (المواعيد التي تم تأجيلها رغمًا عنا، والأماكن التي لم تستطع الأرض منحنا إياها.. إنها الحب الذي بخلت به الدنيا، والفرح الذي لا تتسع له الأرض، إنها الوجوه التي نشتاقها، والوجوه التي حرمنا منها.. الجنة موت المحرمات، وموت الممنوعات، وموت الملل، وموت التعب، وموت اليأس.. الجنة إنما هي الحياة الحقيقية، لكن لمن يعقل ويفهم ويعي)، كما قال المولى عز وجل في كتابه الكريم: «وَمَا هَٰذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ ۚ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ ۚ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ».
كوبري الحياة
أغرب ما يقع فيه الإنسان، هو أنه يعلم جيدًا أنما الحياة الدنيا مجرد (كوبري) أو معبر إلى الآخرة، وأن الآخرة إنما هي دار القرار والاستقرار، فإما نعيم مقيم، أو وليعاذ بالله عذاب مهين، قال تعالى: «يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآَخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ * مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ».. ولقد أعد الله عز وجل للجنة ثمانية أبواب، كل باب منها مخصص لصنف من المؤمنين يدعون للدخول منه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الجنة: « فإن لها ثمانية أبواب ولجهنم سبعة أبواب، وبعضها أفضل من بعض».. وفيها ما لا عين رأت أو أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، قال تعالى: «إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ » (فصلت: 30، 31)، فكيف بمصير فيه هذا الوعد الإلهي العظيم، ولا نعمل لأجله، ونبتعد عن كل طريق يقربنا إليه؟.
اقرأ أيضا:
غض البصر طريقك لصفاء الذهن وراحة القلب ورضا الرب .. تعرف على فوائدهما تشتهيه الأنفس
يقول المولى عز وجل في كتابه الكريم عن الجنة: «إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ * فَاكِهِينَ بِمَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ وَوَقَاهُمْ رَبُّهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ * كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ » (الطور: 17 - 19)، والمتقون المقصود بهم، من خافوا الله عز وجل في كل تصرفاتهم، وجاءوا الله عز وجل على شهادة التوحيد والإيمان بالرسالة المحمدية، والعمل الصادق بها من صلاة وصيام وزكاة وحج.. فإذا ما قدم الإنسان كل ذلك، عليه أن ينتظر الوعد الرباني.. بالجنة ونعيمها، وفيها أجمل ما فيها أن ترى من تحب وأفضلهم وأهمهم رسول الله صلى الله عليه وسلم.. فلو كنت مشتاقا لها، عليك بالعمل لما يقربك منها.