للأسف، عم وانتشر بين الناس الآن، أن القرآن لا يتلى إلا في الجنائز وفقط، ونسينا أنه البشرى والنور الذي يهدي به الله الناس إلى الطريق المستقيم القويم الصحيح، إنه كتاب يهدينا لأقوم حياة، قال جل شأنه: «إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ» (الإسراء: 9).. ولما لا والقرآن كلام الله تعالى، وهو حبله المتين، وصراطه المستقيم، من تمسك به اهتدى، ومن أعرض عنه ضل وهوى، أثنى الله عليه في مواضع كثيرة منه، ليبين فضله، ويوضح للناس مكانته ومنزلته.
يقول تعالى: « إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ * وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ » (الزخرف:3 - 4)، بينما نحن ننشغل عنه، ولا نتذكره إلا حينما يموت أحدهم فنسمعه، وحينها ربما نتدبر بعضًا منه، ونتذكر أن الدنيا فانية، ثم ما نلبث أن نعود إلى ملهاة الحياة الدنيا، ونتوه فيها.
هداية الأحياء
الغريبة في الأمر أن القرآن الكريم، إنما أنزله الله عز وجل على قلب نبيه الأكرم صلى الله عليه وسلم، ليهدي الناس (الأحياء) إلى الصراط المستقيم، ومع ذلك حوله الناس إلى كلام يقال ويردد في مواسم الوفاة فقط، وكأنه أصبح حديث الجنائز، وهو عن ذلك بعيد، صحيح إنما به الكثير من العظات، وتذكر الآخرة، لكن رسالته الأهم توجيهنا في الدنيا، وليس فقط قراءته على من توفى والترحم عليه!.. فيا للعجب من حال أمة تحولت من نور القرآن إلى ظلام الغربة، تحولت من التقدم إلى التأخر ومعها أفضل كتاب يدعوها للعلم والعمل والتقدم والحضارة والرقي في كل مجال من مجالات الحياة.. قراءته عبادة، وتدبره عباده، والعمل به أشد تعبدًا لله.. نسينا أنه يحمل آية تحذرنا من مصير ومآل أمم سابقة ضلت طريقها بعيدًا عن طريق الله، قال تعالى: «مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا ۚ بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ ۚ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ» ( الجمعة 5).
اقرأ أيضا:
غض البصر طريقك لصفاء الذهن وراحة القلب ورضا الرب .. تعرف على فوائدهما أقرب طريق إلى الله؟
كثيرة هي الأسئلة التي تحمل في معناها، ما هو أقرب أو أقصر الطرق إلى الله عز وجل؟.. والغريبة أن غالبية الناس يعون تمامًا أن أقرب طريق إلى الله هو كلامه عز وجل، فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من شغله ذِكري عن مسألتي أعطيته أفضل مما أعطي السائلين، وفضل كلام الله على سائر الكلام كفضل الله على خلقه»، وهذا سيدنا الخباب بن اﻷرت يقول: «تقرب إلى الله ما استطعت، فإنك لن تتقرب إلى الله بشيء أحب إليه من كلامه».