تغسيل الميت فرض كفاية، ولكنه ربما يتحول إلى فرض عين، حال لم يكن هناك غيرك لهذه المهمة التي يستأمنك عليها الشرع في تكريم أخيك المسلم، خاصة أنه قد يكون أبيك أو شقيقك، او زوجتك، وربما يكون أخيك المسلم في بلاد غير مسلمة، فوقتها ستكون مضطرا للمهمة.
ويكون تغسيل الميت كما في خطوات سهلة وبسيطة، تبدأ بوضع الميت على سرير الغُسل، ويجرّد من ثيابه، ويُوضع شيئاً من قماشٍ على عورته، ويجب أن يكون الغطاء ساترا، لا يصف حاله، خاصّةً عند صبّ الماء عليه.
يُجلس الميّت برفقٍ، ويُمسح على بطنه مسحاً خفيفاً؛ حتى يخرج ما في بطنه من بولٍ أو غائطٍ إن وُجد، ولا يمسح على بطن المرأة الحامل.
يُغسل أسفل الميت، وذلك بعد أن يلبس المغسّل قفّازاً فينجيه. ينوي المغسّل نيّة تغسيله، فيسمّي، ثمّ يوضّئه، ويفعل كما في وصيّة رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- حين قال في غسل ابنته: (ابدأْنَ بمَيَامِنِها ومواضعَ الوضوءِ منها) ويراعي المغسّل في المضمضة والاستنشاق ألّا يدخل الماء في أنف وفم الميت، بل يدخل قطنة مبلولة ويخرجها.
يبدأ المغسّل بعد ذلك بتغسيل عموم جسد الميت، فينضح الماء على رأسه، ثمّ يغسّل شقّه الأيمن كلّه، ثمّ يغسّل شقّه الأيسر كلّه، ويكون هذا الغُسل بالماء والطيب، فقد يستخدم المغسّل الماء والسّدر، أو الماء والصابون، وتكون آخر غسلةٍ بالماء والكافور، فإن لم يجد فبالماء والمسك.
اظهار أخبار متعلقة
يُعاد الغسل ثلاثة مرّاتٍ، أو خمس، أو سبعٍ بحسب الحاجة، إلّا أنّ عدد الغسلات يجب أن تكون بعدد فرديّ.
يُنشّف الميت، حيث إنه لا يكفّن وجسده مبللاً.
وإذا كان الميت امرأةً، فيُزاد عمل ثلاث ضفائر لها، وإسدالهنّ خلف الرأس.
تكفين الميت
بعد إتمام عمليّة تغسيل الميت، يأتي تكفينه باللفائف البيضاء؛ استعداداً لإنزاله في القبر، وفي ما يأتي الطريقة الأفضل في التكفين، إلّا أنّ الغاية من التكفين ستر البدن كلّه، ولو كان ذلك في ثوبٍ واحدٍ.
يُستحبّ أن يُلفّ الرجل بثلاث لفائف بيضاء، وقيل إنّ المرأة تُلفّ بخمسة: إزار، وخمار، وقميص، ولفافتين، وقيل: المرأة كالرّجل، تلفّ بثلاث لفائف، حيث قالت عائشة -رضي الله عنها- عن كفن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (كُفِّنَ رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- في ثلاثِ أثوابٍ بيضٍ سحوليةٍ، من كُرْسُفَ، ليس فيها قميصٌ ولا عمامةٌ)، وكان مَن كفّن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- هما: أبو بكر الصديق، وعمر بن الخطّاب رضي الله عنهما.
يُستحبّ تجمير، وتبخير هذه اللفائف، وقد يكون تجميرها قبل لفّها، وقد ورد في ذلك عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (إذا أَجمرتُم الميتَ فأوترُوا، وفي روايةِ: فأجمروهُ ثلاثاً).
وضع اللفائف الثلاث بعضها فوق بعض، ووضح الحنوط؛ وهو عطر يُصنع خصّيصاً للميت، حيث يُوضع بين اللفائف الثلاث، ثمّ يُوضع فوقها الميت مستلقياً.
يُؤخذ شيء من الحنوط، ويُوضع بين إليتي الميت؛ لإبعاد الرائحة الكريهة.
يُوضع باقي الحنوط على مواضع سجود الميت، ومنافد وجهه، ومنافد الوجه هي: العينين، والشفتين، والأنف، وزاد بعض العلماء بقوله الأذنين كذلك، ومواضع السجود هي: الجبهة، والأنف، والكفّان، والركبتان، وأطراف القدمين.
يرُّد طرف اللفافة العليا على شقّ الميت الأيمن، ويردّ طرفها الآخر من فوقه على الشقّ الآخر، وكذلك يُفعل بالثانية والثالثة.
تُعقد هذه اللفائف على الميت؛ حتى لا تتفتّح خلال نقله والصلاة عليه، ولم يُذكر عددها تحديداً، فقد تكون عقدتين؛ إحداهما عند رأسه، والأخرى عند قدميه، وقد يحتاج في الوسط اثنتين أو ثلاث فلا بأس في ذلك.
يحمل الميت على الأعناق ويفضل أن يحمل على سرير من ألواح خشبية وبه سور تضمن استقراره وعدم سقوطه ؛ لأن حرمته ميتاً كحرمته حياً، ويستحب أن يحملها أربعة من الأطراف وثلاثة من العمودين بحيث يحمل واحد العمود الذي يحمل السرير الذي عليه الميت و يحمل اثنان العمود الذي في المؤخرة، ويستحب أن يشيع الجنازة عدد كبير ، ولا يحرم للنساء تشيع الجنازة كذلك فيكونون خلف الرجال، وإنما كُره لهم ذلك لقلة صبرهن، وعدم قدرتهن على احتمال المصيبة، ويستحب لمشيع الجنازة أن يسير خلفها في صمت، فإن أراد الناس ذكر الله فيكون كل واحد في نفسه لا يسمع من بجانبه.
ومن حق الميت علينا أن نصلي عليه ويستحب أن يكون ذلك بالمسجد فيقدم في المحراب. ثم يصلي أقرب ورثة الميت من الذكور إماماً بالناس، فيكبر تكبيرة الإحرام بصوت مرتفع، ويكبر خلفه الناس سراً ، ثم يقرأ الفاتحة سراً، ثم يكبر وهو قائم، ويكبر خلفه المصلون سراً كذلك، ثم يصلي على النبي ﷺ بالصيغة الإبراهيمية وهي التي يقولها بعد التشهد في الصلاة في الركعة الأخيرة، ثم يكبر الإمام جهراً ويكبر خلفه المصلون سراً، ثم يدعو للميت ويستغفر له، ثم يكبرا كذلك الإمام جهراً ويكبر خلفه المصلون سراً، ثم يدعو لنفسه والمسلمين وللميت كذلك ثم يسلم ويجوز أن يكون التسليم بتسليمة واحدة أو تسليمتين، كل هذا وهو قائم.
وبهذا تكون قد تمت صلاة الجنازة، ويحمل الميت مرة أخرى لموضع دفنه، ويستحب لهم الوقوف على القبر قدر ساعة أو أقل قليلاً لأن الميت يأنس بالمشيعيين، ثم ينصرف الناس متعظين خاشعين، نسأل الله حسن الخاتمة لنا ولجميع المسلمين آمين.
وبذلك نكون قد انتهينا من كتاب الصلاة في الفقه الإسلامي، ونذكر بعض إحصائيات خاصة بعدد الصلوات والركعات والسجدات وغير ذلك :