عزيزي المسلم، هل تريد أن تعرف ما هي أدفأ فكرة.. أي ما هو التصرف الذي يمنحك كل الدفء والطمأنينة، تصل إلى راحة البال المتناهي، بعد كل الخسارات الفادحة: (العوض الجميل).. أي أنك لا تعلم ماذا يدبر من أجلك وكيف تغزل خيوط النجاة لك وليس لديكَ أدنى فكرة عن الأشياء المدهشة المحفوظة لك، أنك لا تبقى مكسوراً إلى الأبد، تجبر دوماً… وكيف لا وهناك مدبر الأمر الكريم.
مهما كان ابتلاؤك، فاعلم أن الله لديه المدد، وسيأتيك يومًا ما لا محالة، فقط آمن بذلك، وانتظره، إذ يروى في السير عن رجل أنه قال: ذهب يوم إلى الصحراء فتفاجأ في الصحراء بغراب أسود أعمى مكسور الجناح.. قال في الصحراء وغراب أعمى ومكسور الجناح!! هذا كيف يعيش قال: وما هي إلا برهة فجاء غراب آخر يحمل الطعام إليه فجعل يلقمه من فمه إلى فمه.. ولما لا وهناك الله.
باب الله
أحيانًا يشعر الإنسان أن جميع الأبواب قد أغلقت في وجهه، وينسى أن باب الله لا يمكن له أن يغلق أبدًا، فهذا نبي الله موسى عليه السلام، يخرج هاربًا من فرعون، يخشى القتل، وليس معه لا مال ولا طعام، ولا حتى يعرف أين يبيت أيامه، لكنه وثق في الله عز وجل، فكانت النتيجة أن جعله يتقدم لمساعدة امرأتين تزودان بالماء، فيكون جزاؤه أن يرسل له والدهما أن يزوجه إحداهما، ويعيش في كنفه.
إنه الإيمان بالله، واليقين في الله، وحسن العطاء منه سبحانه، قال تعالى: « رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ * فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا » (القصص: 24، 25).. وهذه أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، تقول للنبي عليه الصلاة والسلام: ما أشد ما أنزل بك يا رسول الله؟ تريد أن ترى ماهي أشد المواقف ويخبرها: بأن يوما ما عرض نفسه على أناس كثيرون ورفضوا ومن همه خرج مهموم وإذا هو بقرن الثعالب يخرج مسافة طويلة لا يدري أين يذهب.. وهناك تأتي عناية إلهية جبريل مع ملك الجبال.. وملك الجبال يقول أمرني تريد أن أطبق عليهم الأخشبين جبلي مكة أطبق عليهم.
ليست القضية الآن إطباق الأخشبين بقدر ما أن النبي عليه الصلاة والسلام في هذه اللحظة كان بحاجة إلى جرعة.. تدخل عناية إلهية تبعد عنه كمية اليأس والإحباط التي ألمت به بسبب إعراض الناس.
اقرأ أيضا:
كيف تكون صادقًا مع الله ومع النفس ومع الآخرين؟.. تعرف على أهم الوسائللطف الله
عزيزي المسلم، كن موقنًا أن لطف الله عز وجل أقوى وأهم وأقرب إليك من نفسك، فقط أن تثق فيه سبحانه، يروى أن تابعًا يدعى أبي قلابة اشتد به الحال يوما لا طعام لا مال لا حبوب في البيت يأكلها ويأكلها أبناؤه في البيت، قال: فخرجت من البيت وجلست على طرف الباب.. وأرى أن الأمور معقدة.. حيث الأمطار في كل مكان، والوحل في كل مكان.. أين يذهب.. وإذ به تمر عليه امرأة على موكب ومعها خادم، ويسألونه مسألة في الدين، فلما يجيبها، تمنحه ثلاثين دينارا.. كلنا قد يكون هذا الرجل يومًا، لكن هل كلنا بقدر يقينه في الله؟!.