يتعجل الكثير من الناس طلب الرزق بالنظر لرزق الأخرين، بالرغم من الإيمان بالرزق هو جزء أصيل من الإيمان بالله تعالى الرزاق، الذي قال في كتابه: " (وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ *فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ) (الذاريات:22-23)، كما بشر النبي صلى الله عليه وسلم بأنه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها.
لكن البعض قد ينشغل عن رزقه الذي لا يحتاج منه سوى القليل من الجهد لحصد ثمار سعيه على الرزق، كما جاء في قوله تعالى لمريم: " وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا (25مريم)، ويتتبع رزق أخيه، فيصبح كالذي قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم: " إن المنبث لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى".
ومع الخسارة التي يخسرها الإنسان لرزقعه بالانشغال عنه والنظر لرزق أخيه، فلا استكمل رزقه وسعيه لحصد ما وعده ربه سبحانه وتعالى، ولاترك أخيه يهنأ بما رزقه ربه سبحانه وتعالى، ليكون ضحية حسد عينه، وانشغاله به، لما للعين من تأثير عظيم على الإنسان قد يصل لحد الوفاة، خاصة وأن قضية الحسد مذكورة في القرآن واستعاذ منها : " ومن شر حاسد إذا حسد".
اظهار أخبار متعلقة
الحسد يسبب الموت
يؤكد العلماء أن الحسد يسبب الموت، وقد ورد ذلك في حديث صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم قال فيه: «الْعَيْنُ حَقٌّ ، وَلَوْ كَانَ شَيْءٌ سَابَقَ الْقَدَرَ سَبَقَتْهُ الْعَيْنُ ، وَإِذَا اسْتُغْسِلْتُمْ فَاغْسِلُوا» رواه مسلم .
كما أن الصحابي سهل بن حنيف كان يغتسل ولون بشرته أبيض، فقال عامر بن ربيعة جلده كاللبن، فخر سهل بن حنيف مغشيًا عليه، فذهب به بعض الصحابة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «عَلامَ يَقْتُلُ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ هَلا إِذَا رَأَيْتَ مَا يُعْجِبُكَ بَرّاَكْتَ».
كيف تحمي نفسك من الحسد؟
العلاج من السحر والحسد بكثرة ذكر الله والحفاظ على الأذكار الموظفة التي منها أذكار الصباح وأذكار المساء، والرقية الشرعية وقراءة القرآن الكريم، والحفاظ على الصلاة «واستعينوا بالصبر والصلاة».
كما أن الشخص الذي أصابه الحسد يمكنه إيقافه من خلال الإكثار من ذكر الله وخصوصًا قراءة المعوذتين (سورتي الفلق والناس) والحفاظ على أذكار الصباح وأذكار المساء.
وإذا علم أحد أن إنسانًا أصابه بعينه أو شك في إصابته بعين أحد فإنه يؤمر العائن أن يغتسل لأخيه، فيحضر له إناء به ماء فيدخل كفه فيه فيتمضمض ثم يمجه في القدح ويغسل وجهه في القدح ثم يدخل يده اليسرى فيصب على ركبته اليمنى في القدح، ثم يدخل يده اليمنى فيصب على ركبته اليسرى ثم يغسل إزاره ثم يصب على رأس الذي تصيبه العين من خلفه صبة واحدة فيبرأ بإذن الله، وهذه الكيفية رواها البيهقي عن الزهري في سنن البيهقي.
واستدل بما روي عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: «كَانَ يُؤْمَرُ الْعَائِنُ فَيَتَوَضَّأُ ثُمَّ يَغْتَسِلُ مِنْهُ الْمَعِينُ» رواه أبو داود.
وعَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ: «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ وَسَارُوا مَعَهُ نَحْوَ مَكَّةَ، حَتَّى إِذَا كَانُوا بِشِعْبِ الْخَرَّارِ مِنَ الْجُحْفَةِ، اغْتَسَلَ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ، وَكَانَ رَجُلًا أَبْيَضَ، حَسَنَ الْجِسْمِ وَالْجِلْدِ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ عَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ أَخُو بَنِي عَدِيِّ بْنِ كَعْبٍ وَهُوَ يَغْتَسِلُ، فَقَالَ: مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ، وَلَا جِلْدَ مُخَبَّأَةٍ!! فَلُبِطَ بِسَهْل، فَأُتِيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقِيلَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللهِ، هَلْ لَكَ فِي سَهْلٍ؟ وَاللهِ مَا يَرْفَعُ رَأْسَهُ، وَمَا يُفِيقُ، قَالَ: «هَلْ تَتَّهِمُونَ فِيهِ مِنْ أَحَدٍ؟»، قَالُوا: نَظَرَ إِلَيْهِ عَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ، فَدَعَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامِرًا، فَتَغَيَّظَ عَلَيْهِ، وَقَالَ: «عَلَامَ يَقْتُلُ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ ؟ هَلَّا إِذَا رَأَيْتَ مَا يُعْجِبُكَ بَرَّكْتَ؟»، ثُمَّ قَالَ لَهُ: «اغْتَسِلْ لَهُ»، فَغَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ، وَمِرْفَقَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ، وَأَطْرَافَ رِجْلَيْهِ، وَدَاخِلَةَ إِزَارِهِ فِي قَدَحٍ، ثُمَّ صُبَّ ذَلِكَ الْمَاءُ عَلَيْهِ، يَصُبُّهُ رَجُلٌ عَلَى رَأْسِهِ وَظَهْرِهِ مِنْ خَلْفِهِ، يُكْفِئُ الْقَدَحَ وَرَاءَهُ، فَفَعَلَ بِهِ ذَلِكَ، فَرَاحَ سَهْلٌ مَعَ النَّاسِ، لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ» رواه أحمد في "المسند".
اظهار أخبار متعلقة
من استعجل الرزق بالحرام مُنِع الحلال
رُوِي عن علي رضي الله عنه أنه دخل مسجد الكوفة، فأعطى غلامًا دابَّته حتى يصلي، فلما فرَغ من صلاته، أخرج دينارًا ليُعطيه الغلام، فوجده قد أخذ خِطام الدابَّة وانصرَف، فأرسل رجلاً؛ ليشتري له خِطامًا بدينار، فاشترى له الخِطام، ثم أتى، فلمَّا رآه علي رضي الله عنه قال: سبحان الله! إنه خِطام دابَّتي، فقال الرجل: اشتريتُه من غلام بدينار، فقال علي رضي الله عنه: سبحان الله، أردتُ أن أُعطيه إياه حلالاً، فأبى إلا أن يأخذه حرامًا.
قال علي بن أبي طالب:
دع الحرص على الدنيا
وفى العيش لا تطمع
ولا تجمع من المال
فلا تدرى لمن تجمع
ولا تدري أفي أرضك
أم في غيرها تصرع
فإن الرزق مقسوم
وسوء الظن لا ينفع
فقير كل من يطمع
غنى كل من يقنع
اظهار أخبار متعلقة
لا حيلة في الرزق
قال تعالى: ﴿ وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ * فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ ﴾ [الذاريات: 22 - 23].
وعتَب على هؤلاء الذين يقتلون أولادهم بغير حقٍّ، لا لشيء إلا الخوف أن يأكلوا من طعامهم، فيُقللوا عليهم أرزاقهم، فقال سبحانه: ﴿ وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا ﴾ [الإسراء: 31].
وجلَس إبراهيم بن أدهم رحمه الله يومًا ووضَع بين يديه بعضًا من قِطَع اللحم المشوي، فجاءت قطة، فخطِفتْ قطعةً من اللحم وهرَبت، فقام وراءها وأخذ يُراقبها، فوجد القطة قد وضَعت قطعة اللحم في مكان مهجور أمام جُحرٍ في باطن الأرض وانصرَفت، فازداد عجبُه، وظلَّ يراقب الموقف باهتمام، وفجأة خرَج ثعبان أعمى فُقِئت عيناه، يخرج من الجُحر في باطن الأرض، ويجر قطعة اللحم إلى داخل الجحر مرة أخرى، فرفع الرجل رأسه إلى السماء وقال: سبحانك يا مَن سخَّرت الأعداء يَرزق بعضهم بعضًا.
ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (يقول ابن آدم: مالي مالي وهل لك يا بن آدمَ من مالك، إلا ما أكلتَ فأفْنيتَ، أو لبِستَ فأبليتَ، أو أعطيتَ فأمضيتَ) رواه مسلم.
وقال الله تعالى: ﴿ انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَلْآَخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً ﴾ [سورة الإسراء: 21].