يعتبر الغضب من المشاعر الطبيعية مادمت حيًا، موجودًا بين الناس، فأنت قد تغضب بسبب موقف أسري أو زوجي، أو آخر متعلق بعلاقات الزمالة في مهنتك، أو الجيرة، إلخ، وتأثيراته، وطريقة التعامل معه هي التي تحدد كونه نعمة أم نقمة.
فبحسب الإختصاصيين، لو كان الغضب دافعًا لحل مشكلات تعاني منها، فهذا أثر إيجابي، أما إن نتج عنه تعطل لحياتك، أو إصابتك بأمراض عضوية أو نفسية، أو إفساد علاقاتك بمن حولك، فهذه كلها آثار سلبية، يجب إزاءها تعلم كيفية "إدارة" مشاعر الغضب، والسيطرة عليها.
لذا، نعرض لك عبر السطور التالية، عددًا من الطرق الاسترشادية في هذا السياق، التي يمكنها مساعدتك على إدراة غضبك والسيطرة عليه:
أولًا: لاشك أن "الكلام" وقد الغضب من أسوأ ما يمكن حدوثه، فما سيتطاير من فمك وقتها من كلمات غاضبة من المؤكد أنه سيكسر مشاعر وربما يهدم علاقة، لذا سيطر على فمك ما استطعت، اطبق شفتيك تمامًا، وهنئ نفسك إن نجحت في هذا، حتى وإن استفزك من أغضبك لكي تتكلم أو ترد، اطلب منه البعد الآن، وعدم التحدث مطلقًا معك.
ثانيًا: اقترحت عليك الصمت التام وعدم الكلام مع من أغضبك، أو بشأن ما أغضبك، وهذا جيد، وهناك استراتيجية أخرى من الممكن اتباعها وهي العد التنازلي بينك وبين نفسك، عد من واحد إلى عشرة، مائة، كما يحلو لك، سواء بشكل تقليدي أو عكسي، لتصرف ذهنك للعد والأرقام بعيدًا عن سبب الغضب، ومن ثم تهدأ نفسك.
ثالثًا: من المفيد جدًا أن تستخدم النصيحة النبوية بأن تغير مكانك، ووضعية جسدك، عند الغضب، كأن تذهب لتتوضأ، أو تتمشى، أو تركب دراجتك، أو تمارس رياضة ما غير شاقة بالمرة كاليوجا، أو عملًا مبدعًا كهوايتك التي تحبها وتمارسها، فلو كنت تعزف الموسيقى امسك آلتك واعزف، أو ارسم، أو اسقي زرعك لو لديك زرعًا في بيتك، ابذل أي نشاط حركي يضخ الدم إلى أجزاء جسمك كلها، ويفرغ طاقة الغضب في أشياء مفيدة وصحية، ويصرف ذهنك، ويأخذ مشاعرك بعيدًا عن الموقف الذي أغضبك.
رابعًا: إن كنت في بيتك وقت حدوث الموقف المغضب لك، فادخل إلى غرفتك، وانعزل قليلًا لأخذ استراحة، تتنفس فيها ببطء وعمق، وترخي عضلات جسمك، وتتحدث مع نفسك بكلمات أو عبارة إيجابية، كأن تقول لنفسك "حصل خير"، المهم أن تكون هذه الكلمات مساعدة لك على الشعور بالهدوء والاطمئنان.
أغلق عينيك، وتخيل نفسك في مكان أو مشهد يبعث فيك الاحساس بالاسترخاء، كأن تتخيل نفسك أمام البحر على شاطيء تحبه، وتخيل كل التفاصيل المرتبطة، كصوت الماء، احساس لمسك للماء، وللرمال على الشاطيء، رائحة هواء البحر، لون زرقة السماء، إلخ، ويمكنك أيضًا الاستماع إلى موسيقى تحبها، أو مشاهدة فيلم مضحك، فهذه الممارسات كلها، ستساعدك على التهدئة، وإبعاد نفسك عن دائرة الغضب، وتغيير حالتك المزاجية.
ويمكن بعد هذه الإجراءات، وبعد أن تهدأ نفسك تمامًا، التمرن على ردود مناسبة لو تكرر الحدث أو الموقف الذي تسبب في غضبك مستقبلًا، اعرض كافة الحلول أمامك، مع نفسك، وفكر في طرقًا للتعامل حتى لا تتعرض من جديد لهذا الغضب إذا ما تكرر الموقف، أو ما شابهه من مواقف أو مشكلات.
خامسًا: تعد الكتابة من الاستراتيجيات الرائعة لإدارة مشاعر الغضب، وإعادة معالجة الأحداث، وجدولة مشاعرك، وتحييدها.
افرغ ما لم تقله، بواسطة الكتابة، ضع كل الكلام الذي تريد قوله أمامك، احك ما حدث، واكتب ردودك، فسيساعدك هذا على الهدوء والوصول إلى ردود مناسبة.
من المفيد أيضًا أن تكتب رسالة إلى الشخص الذي أغضبك وتمحوها ولا ترسلها، فالمهم هنا هو تفريغ مشاعرك السلبية تجاهه، والتعبير عنها وعدم كبتها أو دفنها أو إنكارها.
سادسًا: ابتعد عن المكان الذي حدث فيه الموقف المغضب لك، وشخوصه، وأغلق كل شيء خاص بالوقف، افعل هذا كحل فوري مؤقت، لتبعد عن ناظريك مسبب الغضب الرئيس، لتستطيع التفكير في قرارات مناسبة وأنت أقل غضبًا لا تستثيرك أي أجواء مرتبطة بسبب غضبك.
سابعًا: هناك عدد من الممارسات التي من شأنها أن تساعدك كثيرًا على إدارة غضبك، كالامتنان مثلًا، ونعني به التركيز على الأمور الجيدة في حياتك، والنعم التي تحيط بك، والانجازات، والاحداث الجيدة التي مرت بك، سواء كان هذا في يومك، أو عبر مشوار حياتك، وممارسة التعاطف، بوضع نفسك مكان الشخص الذي أغضبك ورؤية الحدث من وجهة نظره، ومن خلال ممارسة "تخيل" المسامحة لهذا الشخص، خاصة لوكنت غير قادر بالفعل على مسامحته، وتذكر أن الهدف من هذه الممارسات كلها هو تقليل حدة غضبك، وتقبل الموقف، وتحييد مشاعر الغضب.
ثامنًا: لو كان الأمر الذي يغضبك متكرر، كأن يكون مرتبطًا بروتين حياتك، فلابد أن تبحث له عن حل، أو بدائل، أو تضع له خططًا أخرى غير التي تعودت عليها وأصبحت تغضبك، المهم أن تبحث عن اختيارات أخرى تقلل غضبك وإن كانت لها أثمان أخرى أو تبعات، المهم أن تكون قادرًا على احتمالها، وأن تكون أقل فداحة من تكرار غضبك وتوابعه.
تاسعًا: هذه الاستراتيجيات ستساعدك كثيرًا على تعلم إدارة غضبك، والتعبير عنه في المستقبل بطريقة مسئولة وهادئة، وبحوار ناضج، بلا انفجارات، وتهور لا تحمد عقباه.
عاشرًا : لا مانع من أن تشارك صديقًا بالفضفضة عما أغضبك، المهم أن يكون منصتًا، محايدًا، وتتوافر بينكما ثقة وعلاقة صحية تسمح بأن تكون نتيجة المشاركة، أن تصبح أقل غضبًا وأكثر هدوءًا وراحة.
اقرأ أيضا:
زوجتي طفلة كلما غضبت خاصمتني وذهبت لبيت أهلها.. ماذا أفعل؟اقرأ أيضا:
صديقتي تريد الانتحار وأهلها رافضون ذهابها إلى طبيب نفسي .. كيف أنقذها؟