يمر الإنسان في حياته الدنيا بالامتحان تلو الامتحان، وقد ينجح تارة ويفشل أخرى، إلا أن الامتحان الأصعب والأكثر حسما لمستقبل هذا الإنسان في الأخرة، هو ما يحصل علمه على مدار سنوات عمره من معتقد وعمل، ليجيب عنها في اللحظة الفاصلة، ألا وهي لحظة نزوله القبر بعد وفاته، وبعد أن يتركه أهله وأبناؤه في ظلمات القبور، في هذا الوقت توزع ورقة الأسئلة وينتظر الملائكة أن يصعدوا بالإجابة التي يتوقف عليه مصير هذا الإنسان.
من ربك وماهو دينك ومن هو نبيك؟
تتلخص ورقة الأسئلة في القبر على ثلاث أسئلة فقط هي: " من ربك؟ وماهو دينك؟ ومن هو نبيك؟".
ربي الله:
فإذا قيلَ للمسلم: مَن رَبّك؟ قال: رَبّي الله، فإذا قيل له: بِمَ عرفت ربك؟ قال: عرفته جَلَّ وعَلا بآياته ومخلوقاته، ومِن آياته الليل والنهار والشمس والقمر، ومن مخلوقاته السماوات السبع والأرضون السبع ومَن فيهنّ وما بينهما، والدليل قوله تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) (فصلت/ 37). والرب هو المعبود، والدليل قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) (البقرة/ 21-22).
اظهار أخبار متعلقة
ديني الإسلام
الإسلام هو الاستسلام الله بالتوحيد والانقياد له بالطاعة والبراءة من الشرك وأهله، وهو ثلاث مراتب: الإسلام والإيمان والإحسان، وكل مرتبة لها أركان.
وأركان الإسلام خمسة: شهادة أنّ لا إله إلا الله وأنّ محمداً رسول الله، وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج بيت الله الحرام.
دليل الشهادة هو قوله تعالى: (شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (آل عمران/ 18)، ومعناها لا معبود بحقّ إلا الله وحده "لا إلهَ" نافياً جميع ما يُعبَد من دون الله "إلّا هُوَ" مُثبتاً العبادة لله وحده لا شريك له في عبادته، كما أنّه ليس له شريك في ملكه.
وتفسيرها الذي يوضحها قوله تعالى: (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ * إِلا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ * وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) (الزخرف/ 26-28).
ودليل شهادة أن محمداً رسول الله قوله تعالى: (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ) (التوبة/ 128). ومعنى شهادة أن محمداً رسول الله: طاعته في ما أمر وتصديقه في ما أخبر واجتناب ما نَهَى عنه وزَجَر وألا يُعبَد الله إلا بما شرع.
ودليل الصلاة والزكاة وتفسير التوحيد قوله تعالى: (وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ) (البينة/ 5)، ودليل الصيام قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (البقرة/ 183). ودليل الحج قوله تعالى: (فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِناً وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ) (آل عمران/ 97).
رسولي محمد
وإذا سألك عن نبيك فهو محمد بن عبد الله بن عبدالمطلب بن هاشم، وهاشم من قريش، وقريش من العرب، والعرب من ذريّة إسماعيل بن إبراهيم الخليل، عليه وعلى نبيّنا أفضل الصلاة والسلام، وله من العمر ثلاث وستون سنة منها أربعون قبل النبوة وثلاث وعشرون نبياً رسولاً. وبلده مكة وهاجر إلى المدينة، بعثه الله بالدعوة إلى التوحيد. والدليل قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنْذِرْ * وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ * وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ * وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ * وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ * وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ) (المدثر/ 1-7).
وقد أرسله الله تعالى إلى الناس أجميع، والدليل قوله تعالى: (قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا...) (الأعراف/ 158)، وأكْمَلَ الله تعالى به الدِّين، والدليل قوله تعالى: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسْلامَ دِينًا...) (المائدة/ 3).