عزيزي المسلم، اعلم يقينًا أن الستر على مسلم أمرًا ليس بالسهل، لإن الإنسان بطبيعته فضولي، لذلك كان جزاء من يستر أخاه جزاء عظيم، وذلك بأن يستره الله يوم القيامة أمام جميع الخلق..
والفضولي: هو من يشتغل بما لا يعنيه، نسبة له إلى الزيادة عن الحاجة أو البقية من الشيء... وهو عند أهل العلم من يتصرف في حق الغير بلا إذن شرعي، لكون تصرفه صادرًا من غير ملك ولا وكالة ولا ولاية.
أيضًا عرف العلماء الفضول بأنه الزيادة التي لا فائدة من ورائها، فإذا أدى مقصودَه بكلمة، فذكر كلمتين، فالثانية فضول، قال تعالى: « لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ » (النساء: 114).
تحذير النبي
والإسلام يمنع بتاتًا الفضول، ويعده من الموبقات والمحرمات، لأجل ذلك حذرنا النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم من ألسنتنا، وأمرنا بالإمساك إلا أن نقول خيرًا، فعن سفيان بن عبدالله رضي الله عنه، قال: قلت: يا رسول الله، حدثني بأمر اعتصم به، فقال: «قل: ربي الله ثم استقم»، قلت: يا رسول الله، ما أخوف ما تخاف علي؟ فأخذ بلسان نفسه، ثم قال: «هذا».
على المسلم ألا يملأ جوفه (أي عقله وقلبه)، إلا الخير، بحيث حينما يتحدث ويخرج ما بجوفه في شكل كلمات، لا تكون إلى لينًا وحياءً ومودة، وفي ذلك يقول النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم في حديثه الشريف: «مثل المؤمن مثل النخلة، لا تأكل إلا طيبًا، ولا تضع إلا طيبًا»، بينما المتطفل ربما كالنبتة المتطفلة التي تطلع على رأس الترع، وتسرح حتى تأكل بقية المزروعات، فلا هي تفيد الناس، ولا تترك من حولها من الحشائش والمزروعات تتغذى على ما بباطن الأرض.
التطفل والستر
التطفل عكس الستر، فبينما أمرنا الإسلام الحنيف بالستر، ترى المتطفل يسعى جاهدًا لفضح الناس، وهي صفة لا يمكن أن يتسم بها امريء مسلم، فالمؤمن يستر وينصَح، ولا يهتك ويفضح.
ومن صفات الله عز وجل أنه ستير، يستر الذنوب والعيوب، وفي حديث النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله عز وجل حيي ستير، يحب الحياء والستر»، أي: يحب الستر لعباده المؤمنين، ستر عوراتهم، وستر ذنوبهم، فيأمرهم أن يستروا عوراتهم، وأن لا يجاهروا بمعاصيهم في الدنيا، وهو يسترها عليهم في الآخرة، بينما التطفل لا يمكن أبدًا أن يكون من صفات المسلمين على الإطلاق، فلنحذر جميعًا من الوقوع في مثل هذه الأمور، التي قد يراها البعض هينة لكنها تضيع الدين كله.
اقرأ أيضا:
الكبر يأكل الحسنات ويعرض صاحبه للعقاب.. هذه أهم أسبابه