في ظل الظروف التي يعيشها العالم أجمع، نتيجة تفشي جائحة كوفيد 19 وتوابعه (فيروس كورونا)، اضطرت حكومات الدول أن تخفف من بعض الأمور التي تستدعي الزحام، ومن ذلك، تنظيم الصلاة في المساجد، ومنع بعض الأمور التي كانت مرتبطة بشهر رمضان المبارك، وأهمها بالتأكيد (صلاة التهجد)، لكن هناك بعض الأسئلة المهمة التي يجب طرحها بخصوص التهجد، ومنها: لماذا ننتظر للعشر الأواخر حتى نقيم التهجد، أليس من الأولى أن نستغل الشهر كله في صلاة التهجد؟.. ولماذا أيضًا نربط التهجد بالصلاة في جماعة، أليس من الممكن أن نصليها في المنزل وفرادى؟.. بالتأكيد يمكن.. إذن لماذا ننتظر، ولماذا نضيع الوقت فيما لا يفيد، فلو علم الناس أهمية ليل رمضان، ما ناموا أبدًا.
اختيار الله
بداية، علينا أن نعي جيدًا أن صلاة التهجد، إنما من حافظ عليها، فهو من بين من اختارهم الله عز وجل، ليكونوا من هؤلاء المصطفين الذين اختصهم لعبادته في جوف الليل والناس نيام، فلا تنتظر أحدًا، وقم من فورك وأدي صلاتك، ولا تفوت ليالي رمضان تمر هكذا دون أي شيء.. فإما تهجد وإما قراءة قرآن ، وكلاهما أجرهما عند الله عظيم لاشك.
فهؤلاء المتهجدون هم الذين نزل فيهم قوله تعالى: «تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ الله وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ » (الفتح:29)، وأهمية التهجد يأتي من أنها تدريبًا عمليًا طوال شهر رمضان ، وليس في أوخره فقط، على استهلال واستبشار ليلة القدر، فكيف بك تقيم ليالي رمضان كلها، ولا يرزقك الله عز وجل ليلة القدر.. مؤكد ستكون من أهلها لو قدمت ما يثبت ذلك.. فاستعن واستعد لها بالتهجد من الآن، وليس في العشر الأواخر فقط.
أعظم الأعمال
قيام الليل من أعظم وأجل الأعمال إلى الله، وذلك في أيام العام العادية، فما بالنا في شهر رمضان؟.. مؤكد الأجر مضاعف، ويستحق منا الصبر والاستعداد على أتم ما يكون، ولعظم قيام الليل فقد جاء الأمر به في أوائل السور المكية نزولا، وهي سورة المزمل التي هي ثانية السور نزولا أو ثالثتها أو رابعتها على خلاف بين المفسرين، إذ جاء فيما تقدم نزوله من القرآن: « يَا أَيُّهَا المُزَّمِّلُ * قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا * نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا * أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ القُرْآَنَ تَرْتِيلًا » (المزمل:1 - 4)، كما سأل سعد بن هشام رحمه الله تعالى، أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها عن قيام الليل، فقالت: «ألست تقرأ : يا أيها المزمل، قال : بلى ! قالت فإن الله عز وجل، افترض قيام الليل في أول هذه السورة ، فقام صلى الله عليه وسلم وأصحابه حولا ، وأمسك الله عز وجل، خاتمتها اثني عشر شهرا في السماء ، حتى أنزل الله عز وجل، في آخر هذه السورة التخفيف ، فصار قيام الليل تطوعا بعد فريضة».