لسنوات طويلة لطالما ارتبط تناول البيض بمزاعم غير حقيقية بأنه غير صحي، من خلال الربط بينه وبين ارتفاع نسبة الكوليسترول، وزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب.
لكن خبراء التغذية يدحضون تلك المزاعم. ويقول روب هوبسون، أخصائي التغذية المسجل، ومؤلف كتاب "تخلص من عمليات التصنيع في حياتك": "البيض مثير للجدل بشكل مدهش".
وربطت الأبحاث التي أجريت في الخمسينيات من القرن الماضي هذه الأمراض بأمراض القلب عن طريق الخطأ، واستمرت هذه الفكرة في الإرشادات الغذائية في السبعينيات وما بعدها.
لكن الأشخاص الذين تناولوا المزيد من البيض في تلك الدراسات المبكرة كانوا يميلون أيضًا إلى تناول المزيد من اللحوم المصنعة والكربوهيدرات المكررة والمشروبات السكرية، وقليل من الخضراوات. وكان البيض جزءًا من نظام غذائي أقل صحة بشكل عام، مما أدى إلى تشويش النتائج.
كما أن المخاوف من أن البيض قد يحمل بكتيريا السالمونيلا، وأن صفار البيض السائل يشكل خطرًا، هي مخاوف عفا عليها الزمن إلى حد كبير. فقد تم تطعيم الدجاج ضد هذه البكتيريا منذ أواخر التسعينيات، مما قلل من المخاطر بشكل كبير.
فوائد البيض
ويقول أخصائي التغذية إن البيض يمثل مصدرًا غذائيًا غنيًا بالنسبة لمعظم الناس.
وتحتوي بيضة كبيرة واحدة على حوالي 7.5 جرام من البروتين - أي ما يقرب من سدس الكمية اليومية الموصى بها للمرأة - إلى جانب القليل من الملح، و78 سعرة حرارية فقط، ومجموعة من الفيتامينات بما فيها فيتامين ب وفيتامين د، وهي ضرورية للعديد من وظائف الجسم.
ويحتوي البيض أيضًا على شكل من أشكال فيتامين أ الذي يتم امتصاصه بسهولة أكبر من النوع الموجود في الخضروات، مما يجعله إضافة مفيدة للنظام الغذائي النباتي.
مع ذلك، تحذر أخصائية التغذية المعتمدة ليلي سوتر من أن"المعالجة والقلي وإضافة كميات كبيرة من الدهون والملح هي التي قد تقوض فوائده الصحية".
وبينما يعتبر البيض مغذيًا للغاية، يحذر الخبراء من الإفراط في تناوله - حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون زيادة تناول البروتين أو بناء العضلات.
وتوصي هيئة الخدمات الصحية ببريطانيا بأن يشكل البروتين جزءًا كبيرًا من النظام الغذائي، حيث يحتاج الرجال إلى حوالي 55 جرامًا يوميًا، والنساء إلى حوالي 45 جرامًا.
لكن هوبسون يؤكد على ضرورة ألا يكون مصدر هذا البروتين كله البيض، لأنه "يحتوي على دهون، لذا فإن التنوع هو المفتاح. وكما هو الحال مع معظم الأطعمة، فإن البيض صحي عند تناوله باعتدال".
ويضيف هوبسون: "ينصب التركيز الآن على تقليل الدهون المشبعة، وزيادة الألياف، وتحسين جودة النظام الغذائي بشكل عام". لذا فإن طريقة طهي البيض - وما تأكله معه - قد تكون بنفس أهمية عدد البيض الذي تأكله.
وأبرزت صحيفة "ديلي ميل" أفضل طرق طهي البيض، وأسوأها، على النحو التالي:
- البيض المسلوق
يقول هوبسون إن البيض المسلوق يتفوق من الناحية الغذائية، وذلك لأن السلق لا يغير من التركيبة الغذائية للبيضة- فلا يتم إضافة سعرات حرارية أو دهون إضافية- مما يحافظ على البيضة الكبيرة عند حوالي 78 سعرة حرارية و 5 جرامات من الدهون لكل بيضة.
يحافظ السلق الخفيف (من 4 إلى 6 دقائق) على العناصر الغذائية الحساسة للحرارة مثل الكولين واللوتين، والتي تلعب أدوارًا حاسمة في الحفاظ على وظائف الدماغ وحماية صحة العين على المدى الطويل.
مع ذلك، فإن سلق البيض جيدًا (لمدة 10 إلى 12 دقيقة) يزيد من امتصاص البروتين فيه. إذ يستطيع الجسم امتصاص ما يقارب 91 بالمائة من البروتين الموجود في البيضة المسلوقة، مقارنةً بـ 51 بالمائة فقط في البيضة النيئة.
وذلك لأن الحرارة تسبب تغيرات كيميائية في بروتينات البيض مما يجعل من السهل على الإنزيمات الهاضمة تكسيرها.
لكن لا ينصح بسلق البيض لأكثر من 14 دقيقة، لأن الحرارة المطولة يمكن أن تقلل من محتوى فيتامين د وفيتامين أ.
-البيض المقلي
في حين أن البيض المقلي يميل إلى أن يكون أقل صحة لأن درجات الحرارة العالية يمكن أن تسبب تغييرات كيميائية في الكوليسترول الموجود داخل صفار البيض، مما يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والسكتة الدماغية بمرور الوقت.
يقول هوبسون: "القلي ليس غير صحي بطبيعته، ولكن درجات الحرارة العالية جدًا أو تسخين الزيوت بشكل متكرر يمكن أن يزيد من أكسدة الدهون، وهو ما قد يكون أقل فائدة لصحة القلب والأوعية الدموية بمرور الوقت".
ولتجاوز هذه المشكلة، يوصي الخبراء باستخدام الزبدة بدلاً من زيت الزيتون في درجات الحرارة العالية - حيث تصبح بعض الزيوت غير مستقرة عند تسخينها، مما يقلل من قيمتها الغذائية.
كما أن تناول البيض مقليًا من جهة واحدة يمكن أن يساعد أيضًا، حيث يقلل ذلك من وقت الطهي، ويغني عن الحاجة إلى ملامسة صفار البيض لأعلى درجات الحرارة.
بعد البيض المخفوق، يحتوي البيض المقلي على أحد أعلى نسب الدهون، حيث يحتوي على ما يقرب من 10 جرامات من الدهون لكل حصة.
هل تناول البياض فقط أكثر صحة؟
في حين أن التخلص من صفار البيض وتناول البياض فقط قد يبدو الخيار الأكثر صحة عندما يتعلق الأمر بحساب السعرات الحرارية وتقليل تناول الدهون وزيادة البروتين، يقول الخبراء إن هذه واحدة من أكبر الخرافات عندما يتعلق الأمر بالبيض.
يقول هوبسون: "بينما يوفر البياض البروتين، فإن حوالي 90 بالمائة من الفيتامينات والمعادن ومضادات الأكسدة موجودة في الصفار، لذلك بالنسبة لي هذا هو الجزء الأكثر صحة في البيضة".
ويؤكد التركيب الغذائي هذا الأمر. فصفار البيض لا يحتوي فقط على فيتامينات أ، د، هـ، وك - وهي ضرورية لتخثر الدم وصحة العظام ووظيفة القلب - بل يحتوي أيضاً على مضادات أكسدة قوية تدعم صحة العين، ودهون صحية.
يقول هوبسون: "إذا تخلصت من صفار البيض، فإنك تقلل بشكل كبير من القيمة الغذائية للبيضة".
علاقة البيض بالكوليسترول
لطالما برزت التحذيرت من تناول البيض بسبب محتواه العالي من الكوليسترول بشكل طبيعي- لكن وفقًا للخبراء، فإن هذا لا يمثل مصدر قلق لمعظم الناس.
مع ذلك، يقول هوبسون: "يبدو أن بعض الناس، على سبيل المثال أولئك الذين يعانون من ارتفاع الكوليسترول في الدم، أكثر حساسية للكوليسترول الغذائي".
وأضاف: "في تلك الحالات، قد يكون من المعقول مراقبة تناول البيض، ولكن دائمًا في سياق النظام الغذائي بأكمله بدلاً من اعتبار البيض طعامًا إشكاليًا".