يقول الباحثون إن تحقيق التوازن الصحيح بين النوم والتمارين الرياضية قد يلعب دورًا حاسمًا في الحماية من الأمراض والوفاة المبكرة.
في دراسة دولية واسعة النطاق، توصل الباحثون إلى أن الأشخاص الذين ينامون لمدة تتراوح بين ست إلى سبع ساعات في الليلة يميلون إلى تسجيل أعلى عدد من الخطوات في اليوم التالي، بينما كان أولئك الذين ينامون لفترة أطول أقل نشاطًا.
وحللت الدراسة، التي قادها باحثون من جامعة فليندرز في أستراليا ونُشرت في مجلة طب الاتصالات، بيانات من أكثر من 70 ألف بالغ في حوالي 250 موقعًا حول العالم، وتم تتبعهم على مدى ثلاث سنوات ونصف.
مدة النوم وعدد الخطوات اليومية
واستخدم المشاركون أجهزة تتبع النوم وأجهزة اللياقة البدنية المخصصة للمستهلكين، مما سمح للباحثين بمراقبة مدة النوم وعدد الخطوات اليومية.
وأظهرت النتائج أن أولئك الذين ناموا لمدة ست ساعات تقريبًا ساروا أكثر، حيث سجلوا ما يقرب من 340 خطوة إضافية في اليوم التالي مقارنة بالأشخاص الذين ناموا لمدة ثماني ساعات.
وحتى أولئك الذين ناموا لمدة سبع ساعات خطوا حوالي 237 خطوة إضافية مقارنة بمن ناموا لمدة ثماني ساعات.
عندما قام الباحثون برسم العلاقة بين النوم والنشاط، وجدوا منحنى على شكل حرف U - حيث يرتبط كل من قلة النوم (أقل من ست ساعات) وكثرة النوم (أكثر من ثماني ساعات) بانخفاض عدد الخطوات في اليوم التالي.
وتعتبر هذه النتائج مهمة لأن كلاً من قلة النوم وانخفاض النشاط البدني يرتبطان بشكل مستقل بزيادة مخاطر الإصابة بأمراض القلب والسكري والسمنة والاكتئاب والالتهابات والوفيات لجميع الأسباب.
وتشير الأبحاث السابقة إلى أن المشي حوالي 8 آلاف خطوة في اليوم يكفي لتقليل خطر الإصابة بأمراض القلب والوفاة المبكرة.
لكن التحليل يُظهر مدى صعوبة تحقيق مستويات النوم والنشاط الموصى بها بالنسبة للأشخاص. إذ تمكن 12.9 بالمائة فقط من المشاركين من الجمع بين سبع إلى تسع ساعات من النوم مع 8 آلاف خطوة على الأقل في اليوم.
وفي الوقت نفسه، بلغ متوسط عدد الأشخاص الذين حصلوا على أقل من سبع ساعات من النوم وأقل من 5 آلاف خطوة 16.5 في المائة، وهو مستوى يرتبط بالسلوك الخامل.
ووجد الباحثون أيضًا أن النوم يؤثر على النشاط أكثر مما يؤثر النشاط على النوم، مما يشير إلى أن قلة النوم قد تكون عائقاً رئيسًا أمام البقاء نشيطًا.
كما أن كبار السن الذين تزيد أعمارهم عن 60 عامًا والأشخاص الذين لديهم مؤشر كتلة الجسم أعلى من 32، والذين يصنفون على أنهم يعانون من السمنة، كانوا أقل عرضة للوصول إلى عدد خطوات أعلى، وفقًا لصحيفة "ديلي ميل".
التوافق بين النصائح الصحية المثالية والحياة الواقعية
قال جون فلينتون، الباحث الحاصل على درجة الدكتوراه في جامعة فليندرز والمؤلف الرئيس للدراسة، إن النتائج تسلط الضوء على عدم التوافق بين النصائح الصحية المثالية والحياة الواقعية.
وأضاف: "إن نسبة ضئيلة فقط من الناس قادرة على الحصول على قسط كافٍ من النوم وممارسة النشاط البدني الكافي بشكل منتظم. هذا يثير تساؤلات مهمة حول مدى واقعية إرشادات الصحة العامة الحالية عند النظر إليها مجتمعة".
مع ذلك، حذّر من أن هذه النتائج لا ينبغي اعتبارها نصيحةً لتقليل ساعات النوم عمدًا. لم تأخذ الدراسة في الحسبان شدة التمارين الرياضية أو غيرها من الأنشطة كالسباحة، وكان المشاركون فيها أكثر وعيًا بصحتهم من عامة الناس.
وبدلاً من ذلك، يقول الباحثون إن النتائج تؤكد الحاجة إلى إرشادات صحية أكثر مرونة وواقعية تعترف بكيفية تفاعل النوم والتمارين الرياضية في الحياة اليومية.