عزيزي المسلم، أوتدري أن للدنيا عقوبات، لكنها ليست كالعقوبات التقليدية، من عذاب وخلافه، كما يتصور البعض، لأن الدنيا بالأساس ليست دار حساب.. لكن حينما يبتلي الله عبدًا ما بحق، فإنما يبتليه في نفسه وليعاذ بالله، تراه سبحانه يوجهه مرة، ثم يحذره مرات، ثم يعطيه فرص وفرص، حتى يتصور العبد أنه لن يقع في المحظور، وينسى ما خلق لأجله، (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون)، فتكون النتيجة العقاب الذي لا يتصوره أبدًا، وربما لا يلتفت له البتة، وهو (أن يمسك الله لسانك عن ذكره).. تخيل تعيش في هذه الحياة الدنيا، دون أن تذكر الله.. إنها عقوبة لو يعلمها صاحبها لعاد من فوره، ولجعل لسانه بدلا من أن يستخدمه في (الكلام الفارغ)، لن يترك لحظة واحدة إلا ويذكر فيها الله عز وجل.
خير الأعمال
يتصور البعض، أن عقاب البعد عن ذكر الله عز وجل ليس بالأمر الجلل، فماذا به لو عرف أن الذكر إنما هو خير الأعمال، فتخيل كيف تحرم من خير الأعمال في الدنيا، فبما تقابل الله يوم القيامة، إذا كنت فاقدًا لخير الأعمال جميعها؟.. فعن هذه العبادة الجليلة والعظيمة يحدثنا النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم حين قال لصحابته: «ألا أخبركم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم، وأرفعها في درجاتكم، وخير لكم من إنفاق الذهب والفضة، ومن أن تلقوا عدوكم، فتضربوا أعناقهم، ويضربوا أعناقكم؟»، قالوا: بلى يا رسول الله، قال: «ذكر الله عز وجل».. انظر قد لا تكون بحاجة إلى الجهاد حتى تلقى به الله، طالما الأمر لم يحدث، بل وأغلى من الذهب والفضة وكل أموال الدنيا، فقط أن تذكر الله.. للأسف كثير منا يعرف ذلك جيدًا، ومع ذلك ينسى الله فينسيه الشيطان ذكر الله.
هذا الأمر يكفي
البعض يرى أن شرائع الإسلام ثقلت عليه، فكيف به إذا علم أن ذكر الله يكفيه، فقد جاء رجل يشكو إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كثرة شرائع الإسلام عليه، ويطلب منه إرشاده إلى ما يتمسك به؛ ليصل به إلى الجنة، فبماذا أجابَه الحبيب صلى الله عليه وسلم؟.. فعن عبدالله بن عمر رضي الله تعالى عنهما أن رجلاً قال: يا رسول الله، إن أبواب الخير كثيرة، ولا أستطيع القيام بكلها، فأخبرني بما شئت أتشبث به ولا تكثر علي فأنسى، وفي رواية: إن شرائع الإسلام قد كثرت علي، وأنا قد كبرت؛ فأخبرني بشيء أتشبث به، قال: «لا يزال لسانك رطبًا بذكر الله تعالى».. فإذا كانت هذه بعض أفضال ذكر الله، فكيف بنا نعيش دون أن يتحرك لساننا بذكره سبحانه؟!.
اقرأ أيضا:
هل نؤجر على أحزان قلوبنا؟