ويجمع الفقهاء وأهل العلم أن العتق من النار هو لنّجاة من النار والفوز بالجنة. وللوصول إلى هذه المرتبة الرفيعة علينا أن نسلك جميع السبل الموصلة إليها مصداقا لقوله ، تعالي : "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ""التحريم: 6"
الوصول لمرتبة العتق من النار خلال شهر رمضان يتطلب المحافظة علي عدد من الطاعات والقربات خلال هذا الشهر الفضيل في مقدمتها الإخلاص لله تعالى في الإيمان والعمل من صلاة وصيام وسائر الأعمال كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: "لَنْ يُوَافِيَ عَبْدٌ يَوْمَ القِيَامَةِ، يَقُولُ: لاَ إِلَهَ إِلَّا الله، يَبْتَغِي بِهِ وَجْهَ الله، إِلَّا حَرَّمَ الله عَلَيْهِ النَّارَ". انطلاقا من اخلاصك لله تعالي يعد سببا للعتق من النار، كذا الإخلاص في الصيام والقيام يضمن لك المغفرة من الذنوب؛
المحافظة علي أداء الصلوات الخمس في المسجد من الطاعات التي تصل بالعبد المؤمن للعتق من النيران كما جاء في الحديث النبوي الشريف الذي رواه سيدنا أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ”مَنْ صَلَّى لِلَّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا فِي جَمَاعَةٍ يُدْرِكُ التَّكْبِيرَةَ الْأُولَى، كُتِبَتْ لَهُ بَرَاءَتَانِ: بَرَاءَةٌ مِنْ النَّارِ، وَبَرَاءَةٌ مِنْ النِّفَاقِ”. فحافِظ على صلواتك في أوقاتها.
الحرص على طاعة الله ورسوله يبدو حاضرا بقوة ضمن القربات الموصلة للعتق من النار في رمضان حيث عليك اتباع الله ورسوله فيما أمرا به وفيما نهيا عنه؛ ففي طاعة الله ورسوله فوز لا تصاحبها خسارة، قال تعالى: "وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا" "الأحزاب: 71"
الإكثار من الدعاء والتضرع إلي الله والإلحاح بطلب العتق من الناريعد من مسببات الوصول لمرحلة العتق من النار مصداقا لماء في حديث أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله r: "مَنْ سَأَلَ الله الْجَنَّةَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، قَالَتْ الْجَنَّةُ: اللَّهُمَّ أَدْخِلْهُ الْجَنَّةَ، وَمَنْ اسْتَجَارَ مِنْ النَّارِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، قَالَتْ النَّارُ: اللَّهُمَّ أَجِرْهُ مِنْ النَّارِ"
صيام رمضان وقيامه إيمانا واحتسابا من الطاعات التي تمنح الصائم فرصة مؤكدة للفوز بالعتق من النار وقد بشّر النّبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم أنّ مَن صام نهار رمضان وقام ليله إيمانًا واحتسابًا، بغفران ما تقدّم من ذنبه، ومغفرة الذّنوب مدعاة وسبب للعتق من النّار ودخول الجنّة، وهذا هو الفوز العظيم، قال تعالى: ”فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ”،
وكذلك قال رسول الله صلي الله عليه الصّلاة والسّلام: ”إذا جاء رمضان، فُتِّحت أبواب الجنَّة، وغلِّقَت أبوابُ النّار، وصفِّدَت الشياطين، ونادى منادٍ: يا باغِي الخير أقبِل، ويا باغي الشر أَقصِر”.ولا يغيب كذلك عن حزمة الأسباب الموصلة للعتق من النار كثرة الخُطَى والمشي في سبيل الله تعالى وقضاء الحوائج: فخُطُواتِ العبد في سبيل الله وقضاء حوائج الناس وتفريج كروب المكروبين سبيلٌ للعتق من النار؛ كما جاء في الحديث الصحيح أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلّم قال: "مَنِ اغْبَرَّتْ قَدَمَاهُ فِي سَبِيلِ الله حَرَّمَهُ الله عَلَى النَّارِ".
ومن هنا يجب الإشارة إلي أهمية الحفاظ على القيام في العشر الأواخر؛ وتحري ليلة القدر؛ ففيها العتق أكثر، وكانت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها تسأل النبي الحبيبr عن دعاء تستقبل به ليالي العفو، فورد في السُّنّة عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إِنْ عَلِمْتُ أَيُّ لَيْلَةٍ لَيْلَةُ القَدْرِ مَا أَقُولُ فِيهَا؟ قَالَ: "قُولِي: اللَّهُمَّ إِنَّكَ عُفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي". فاستعن بالله وتجهّز للعشر الأواخر بطلب العفو وتحري القيام.
من الأسباب الموصلة للعتق من النار في رمضان الاكثار من القيام بما تيسر له من الأعمال الصالحة من تلاوة قرآن وذكر لله تعالى واستغفار وصلة رحم وإنفاق في سبيل الله وأمر بمعروف ونهي عن منكر إلى غير ذلك من أعمال الخير والبر، فمن عمل هذه الأعمال غفرت ذنوبه كما في الحديث الصحيح ويرجى له أن يكون من العتقاء من النار في هذا الشهر المبارك
وقد روى ابن ماجه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن لله تعالى عند كل فطر عتقاء من النار’ وذلك في كل ليلة" حسنه السيوطي ولم يرد في ما نعلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الله تعالى يعتق من النار في كل يوم