قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لو توكلتم على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصا وتروح بطانا ، فلم يحمل أرزاقها إليها في أوكارها بل ألهمها طلبه بالغدو والرواح» .
الطلب والتوكل:
وقد جمعوا بين الطلب والقدر فقالوا: إنهما كالعدلين على ظهر الدابة، إن أحمل في واحد منهما أرجح مما في الآخر سقط حمله وتعب ظهره وثقل عليه سفره.
وإن عادل بينهما سلم ظهره ونجح سفره وتمت بغيته.
مثل عجيب:
وضربوا في التوكل وحسن الطلب مثالا عجيبا، فقالوا: إن أعمى ومقعدا كانا في قرية بفقر وضر لا قائد للأعمى ولا حامل للمقعد، وكان في القرية رجل يطعمهما قوتهما في كل يوم احتسابا لله تعالى، فلم يزالا بنعمة إلى أن مات ذلك الرجل فلبثا أياما واشتد جوعهما وبلغ الضر منهما جهده، فأجمع رأيهما على أن الأعمى يحمل المقعد فيدله المقعد على الطريق ببصره.
فاشتغل الأعمى بحمل المقعد ويدور به ويرشده إلى الطريق وأهل القرية يتصدقون عليهما، فنجح أمرهما ولولا ذلك لهلكا.
فكذلك القدر سببه الطلب، والطلب سببه القدر وكل واحد منهما معين لصاحبه، ألا ترى أن من طلب الرزق والولد ثم قعد في بيته لم يطأ زوجته ولم يبذر أرضه معتمدا في ذلك على الله واثقا به أن تلد امرأته من غير مواقعة، وأن ينبت الزرع من غير بذر، كان عن المعقول خارجا ولأمر الله كارها.
قال الغزالي: أما المعيل فلا يخرج عن حد التوكل بادخار قوت سنة لعياله جبرا لضعفهم وتسكينا لقلوبهم وقد ادخر رسول الله صلى الله عليه وسلم قوت سنة، ونهى أم أيمن وغيرها أن تدخر شيئا، وقال: أنفق يا بلال ولا تخش من ذي العرش إقلالا.
اقرأ أيضا:
كيف يكشف الشح عوراتك أمام الأخرين؟عجائب عن التوكل:
1-قال عبد الله بن الفرج: أطلعت على إبراهيم بن أدهم، وهو في بستان بالشام فوجدته مستلقيا على قفاه، وإذا بحية في فمها باقة نرجس، فما زالت تذب عنه حتى انتبه، فحسبك توكل يؤدي إلى هذا.
2-وعن عبد الله الهروي قال: كنا مع الفضيل بن عياض على جبل أبي قيس فقال: لو أن رجلا صدق في توكله على الله ثم قال لهذا الجبل اهتز لاهتز، فو الله لقد رأيت الجبل اهتز وتحرك. فقال له الفضيل رحمه الله تعالى: لم أعنك رحمك الله فسكن.