روائح ليلة القدر تملأ الأجواء عبيرها الزاكي يطهر الأماكن .. الوقت وقت المغفرة وقت الفوز وقت التسامح وقت العتق من النيران فقد دخلت العشر الأواخر من رمضان. رمضان شاهدا لك أو عليك:
من لا يفوز بهذه الأيام فقد خسر خسرانا مبينا.. من لم يعتق من النيران في هذه الأيام فهو الخاسر حقا .. أدرك رمضان قبل أن يتفلت وقد أوشك على الرحيل ..
رمضان الآن يودع أحبابه لتذهب أيامه ولياليه لربها تحمل شهادتين: شهادة الفوز لمن اجتهد في الطاعة وحافظ على ما فرضه الله عليه وما سنه الرسول من أعمال الخير، وشهادة ثانية عنوانها الخسارة لمن قصر واستهتر وفرط وتعمد تضييع الأوقات في غير ذي فائدة.
والسؤال من الفائز فنهنأه ومن الخاسر فنعزيه.. لا يزال في الوقت متسع لمن أراد الفوز فلا تزال
ليلة القدر يفوح عطرها والمؤمنون لا يزالون يلتمسونها بقلوبهم وأعمالهم وجوارحهم منصوبة لله في طاعة.. وقلوبهم وجلة وألسنتهم تلهج بذكر الله ليل نهار. فرمضان إما أن يشهد لك أو يشهد عليك.
هؤلاء يحرمون من ليلة القدر:
وبرغم فضل الليلة المباركة التي قال عنها ربنا "إنا أنزلناه في ليلة مباركة فإن بعض الناس يحرمون أنفسهم من فضل هذه الليلة.. والسؤال من المحرمون من ليلة القدر؟
هناك صنف من الناس لا يزالون تائهين لاهية قلوبهم غلبت عليهم شقوتهم لا تفرق معه هذه الليلة بل ولا غيرها من الليالي والأيام المباركة وهؤلاء هم الغافلون ومثل هؤلاء يحرمون من فضل الليلة لأنهم لم يعلموا لها ولم ينتبهوا لخيرها.
وكذا من يتعمد تضييع الوقت وإهدار الطاقة ويصرف همه في هذه الأيام والليالي المباركة لتحصيل متع الدنيا فيكب على دنياه يعمرها ويخرب آخرته يتعمد الإساءة للغير يتعمد سوء الظن بالآخرين كل همه أن يكون ولو على حساب القيم والمبادئ وما شرع الله من أخلاق فهؤلاء أيضا يحرمون من فضل الليلة المباركة.
أيضا يحرم من فضل الليلة المباركة من لم يجتهد ومن لم يسع لها ومن لم يتعرف على فضلها ومن لم يتعب نفسه في الطاعة لكنه يعيش يومه وليلته بما يحب لا جديد في حياته على خلاف آخرين اجتهدوا وصبروا وصابروا وتصدقوا ودعور بههم ولقد كان حال خير البشر إن دخلت عليه هذه الأيام الشعر من رمضان أن يشد مئزره ويوقظ أهله ويحيي ليله فمن اجتهد لا يتساوى أبدا مع من فرط وتغافل.
فضل ليلة القدر:
ومما يبين فضل هذه الليلة المباركة أن قوله تعالى: وما أدراك ما ليلة القدر تنويهاً بشأنها، وإظهاراً لعظمتها.
فليلة القدر خير من ألف شهر أي: أي إحْياؤها بالعبادة فيها خير من عبادة ثلاث وثمانين سنة، وهذا فضل عظيم لا يقدره قدره إلا رب العالمين تبارك وتعالى، وفي هذا ترغيب للمسلم وحث له على قيامها وابتغاء وجه الله بذلك، ولذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يلتمس هذه الليلة ويتحراها مسابقة منه إلى الخير، وهو القدوة للأمة، فقد تحرّى ليلة القدر.
وقت ليلة القدر:
وفي أوتار العشر آكد، لحديث عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر رواه البخاري. وفي الأوتار منها بالذات، أي ليالي: إحدى وعشرين، وثلاث وعشرين، وخمس وعشرين، وسبع وعشرين، وتسع وعشرين. فقد ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: التمسوها في العشر الأواخر، في الوتر رواه البخاري.