الخليل هو الصديق الذي لا يفارقك أبدًا مهما كانت الظروف، وعلى هذا المنوال نجد علاقة غير عادية منذ مئات السنين، بين شهر رمضان المعظم، والتمر.. كأنهما خليلان، أو صديقان، أو اثنان بينهما مودة غير عادية.. ورغم هذا الارتباط الواضح والقوي، إلا أن كثيرين منا لا يعلمون مدى أهمية وفضل التمر بالنسبة للصيام.. لأنه باختصار الأمر ليست صدفة، وإنما توفيق قدره الله، وأتم عليه رسولنا الأكرم صلى الله عليه وسلم، ومن ثم عاش بيننا حتى الآن هذا الترابط الجميل، فعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، أن النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم، قال : « لا يجوع أهل بيت عندهم التمر » . وفي رواية : قال : « يا عائشة بيت لا تمر فيه ، جياع أهله »، قالها مرتين أو ثلاثا .

القوت الحقيقي

بما أن الصيام ينهك قوى البعض، خصوصًا إذا طالت ساعاته، فإن الله قدر الله الطعام الذي يمنح القوة المناسبة لذلك، ومن ذلك لاشك: التمر.. ففي تفسير الحديث النبوي السابق، يقول الإمام علي القاري : قيل : أراد به أهل المدينة ومن كان قوتهم التمر ، أو المراد به تعظيم شأن التمر ( لذلك قالها مرتين أو ثلاثا ).. كما قال الإمام النووي : «فيه فضيلة التمر وجواز الادخار للأهل والحث عليه ».. فيما قال الإمام الطيبي : «ويمكن أن يحمل على الحث على القناعة في بلد يكثر فيه التمر ، يعني بيتا فيه تمر وقنعوا به لا يجوع أهله ، وإنما الجائع من ليس عنده تمر »، وينصره الحديث الآتي ، يقول النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم: «كان يأتي علينا الشهر ما نوقد فيه نارا ، إنما هو التمر والماء ».. انظر لروعة المعنى، كأن التمر والماء بهما كل الاحتياج الغذائي الذي يتطلبه الجسم، ومن ثم فهما يكفيان.

اقرأ أيضا:

هل تتذكر حين كنت تناجي ربك سرًا؟.. نعم سمعك ولن يخذلك

تمر المدينة

النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم، أثنى كثيرًا على تمر المدينة المنورة، بعد الهجرة، لأنه كان الطعام الدائم تقريبًا بين أهلها، فثبت في الصحيحين عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من تصبح بسبع تمرات وفي لفظ: من تمر العالية لم يضره ذلك اليوم سم ولا سحر»، لذلك ترانا الآن نحن معشر المسلمين وبعد مرور مئات السنوات، على مثل هذه الأحاديث، نفطر على التمر والماء أيضًا.. ربما طورها البعض قليلا بعمل ما يسمى بـ(الخشاف)، وهو مزيج من اللبن والتمر، لكن يبقى التمر هو المادة الأساسية على موائد إفطار المسلمين في شتى أنحاء العالم، ولما لا وهو يحتوي على بعض المعادن كالحديد والماغنسيوم والزنك والكالسيوم، فضلا عن أنه غني بالسكريات ومن الأطعمة التي تساعد على إعطاء الطاقة لجسم الإنسان بعد عدد ساعات الصيام الطويلة.