اسم الله البصير .. تعالى نتوقف قليلا أمامه.. أوتدري حينما تجد قلبك أغلق من أمر ما، ثم تجدها بالفعل لم تكن خيرًا، أو تجد قلبك كأنه فتح لأمر آخر، ثم تراه بالفعل خيرًا.. فهنا البصيرة التي تقودك إلى الخير وترتاح له، وتجعل قلبك ينقبض من أمر آخر وبالفعل يكون شر.. حينما تهدأ هذه الحيرة من حياتك .. حينما تكون قد حددت كل طرقك وتعي جيدًا ما الذي تريده وما لا تريده .. حينما تجد أمورًا عددية تتكشف لك أمام ناظريك دون أي جهد، أو يتدخل القدر في الوقت المناسب فيحميك من أمر ما.. هنا اعلم يقينًا أنها ليست (شطارة منك) ولا خبرة تتملكك، وإنما هي بصيرة منحك الله عز وجل إياها.. لكن كيف تأتي هذه البصيرة، وكيف تحصل عليها؟.

الوصول إلى البصيرة

يقول المولى عز وجل في كتابه الكريم: (فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَٰكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ ).. فأن ترى بعينيك كل شيء، لكن لا ترى بقلبك.. ليس بالبصيرة، وإنما أن ترى كل شيء بقلبك، وكأنك تتوقعه، فإنما هي البصيرة، وهي لاشك منحة إلهية لا يعطيها إلا لمن يختصه بها، فلنسأل الله عز وجل دومًا أن يمنحنا البصيرة، يقول الله عز وجل على لسان نبيه يوسف عليه السلام: «قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ » (يوسف: 108).

اقرأ أيضا:

الحج عبادة عظيمة نصائح لمن أكرمه الله بها .. ومن لم يتمكن هذا العام

الحق والباطل

بالبصيرة الحقيقية تستطيع أن تفرق بين الحق والباطل، ومن غيرها يحدث لك خللا ما في موازينك.. ترانا في كل ركعة ندعو الله عز وجل قائلين: (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ).. هذا الصراط المستقيم أنت في أشد الاحتياج له في كل تفاصيل حياتك .. لكنك لن تراه سوى بالبصيرة !


ولما لا والبصيرة هي النور الذي ستسير به في الدنيا .. هي طريق الهداية و الحكمة لكل شيء مهما كان .. تأكيدًا لقوله تعالى: ( إِن تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَانًا ).. فلن تستطيع التفرقة بين (الخير والشر .. الحق والباطل .. الظالم والمظلوم .. الخطأ والصحيح) .. دون بصيرة .. كما أن هذه (اللخبطة) التي تحيط بك .. الحيرة .. التوهان .. كل هذا مستحيل أن تعالجه دون بصيرة ..

لكن لن تستطيع تملك البصيرة سوى بأمرين :

 ١ - التقوى .. تأكيدًا لقوله تعالى: (إِن تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَانًا ).. والتقوى أنك تقي نفسك بقوانين الله في كل تفاصيل حياتك حتى في ذنبك تتقي الله برجوعك وتوبتك ..

٢- أن تدرك معنى اسم الله ( البصير ) .. يعني أن تعلم جيدًا أنه يراك طوال الوقت وفي كل أحوالك .. ليس فقط عليم بحالك .. وإنما أيضًا مطلع وشاهد عليك..

إدراكك لكل ذلك سيجعلك تتقي الله، حينها لاشك سيرزقك الله عز وجل البصيرة .. قال تعالى: ( أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ ۚ ).. فدعنا نرفع أكفنا إلى السماء ونسأل الله عز وجل أن يمنحنا البصيرة، لأنه للأسف البديل عنها عن اتباع الهوى، قال تعالى: (أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَٰهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَىٰ عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَىٰ سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَىٰ بَصَرِهِ غِشَاوَةً ).