يقول الله عز وجل في كتابه الكريم: «يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ * إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ » (فاطر: 5، 6).
هكذا هي الدنيا كما بينها المولى عز وجل، فانية، فإياك أن تغرك وتأخذك من الهدف الأسمى والحقيقي الذي خلقك الله عز وجل من أحله، وهو كما قال سبحانه: «مَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ» ( الذاريات 56)، وبالتالي إياك تتصور عزيزي المسلم أن الدنيا إنما هي (ملاهي)، وأن حلوها دائم، وبالتالي إذا غاب هذا الحلو، تضررت واشتكيت، ورحت تيأس، وكأنك لا تفهم أنك خلقت فيها لتتعب وتكد، وتصبر وتثق في الله، فتكون النتيجة الجنة، هكذا هي المعادلة: «مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ۖ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ» ( النحل 97).
سب الدنيا
كثيرًا ما ترى أحدهم يسب الدنيا، وربما وهو لا يعلم مدى وقع ذلك الأمر عليه، لأنه كارثة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، إذ يتوقف الأمر عند النية، فإن كان لعن الدنيا فالظاهر جوازه إذا قصد ما فيها مما يشغل عن طاعة الله، وتحرز اللاعن مما فيها مما يساعد على الطاعة، وذلك لما في الحديث الشريف، يقول النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم: «الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ذكر الله وما والاه وعالماً أو متعلماً»، لكن إياك أن تسب الدهر، لأن الله عز وجل يقول في حديث قدسي: لا تسبوا الدهر فأنا الدهر»، فاحذر الوقوع في ذلك تمامًا.. خصوصًا أن اللعن ليس من شيم المسلم على الإطلاق، لما في الحديث الشريف، يقول النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم: «ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء».
اقرأ أيضا:
الرياء سمت المنافقين.. هل سمعت نصيحة السيد المسيح؟الدنيا باب إلى الجنة
عزيزي المسلم، إياك أن تلعن كل ما في الدنيا، لأنها الباب والوسيلة إلى الجنة، ومن المعلوم أن حقارة الدنيا وشغلها عن الله سببه عدم العمل بأمر الله فيها، فمن عمل بأمر الله فيها كانت سبباً لكسب الأجور والحسنات، ففي الحديث الشريف، يقول النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم: «إنما الدنيا لأربعة نفر عبد رزقه الله مالاً وعلماً فهو يتقي فيه ربه ويصل فيه رحمه ويعلم لله فيه حقاً فهذا بأفضل المنازل، وعبد رزقه الله علماً ولم يرزقه مالاً فهو صادق النية يقول لو أن لي مالاً لعملت بعمل فلان فهو بنيته فأجرهما سواء، وعبد رزقه الله مالاً ولم يرزقه علماً فهو يخبط في ماله بغير علم لا يتقي فيه ربه ولا يصل فيه رحمه ولا يعلم لله فيه حقاً فهذا بأخبث المنازل، وعبد لم يرزقه الله مالاً ولا علماً فهو يقول لو أن لي مالاً لعملت فيه بعمل فلان فهو بنيته فوزرهما سواء».