عزيزي المسلم، يا من ترى نفسك لا تعيش في خير، تمهل قليلا فالأمر يحتاج لحسابات أخرى مختلفة تمامًا عن حساباتك.. فقد تسعى أحيانًا إلى الراحة والصفاء، لكنك لا تدري أنك خلقت في كبد وحياتك طبعت على كدر، قال تعالى: «لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي كَبَدٍ» ( البلد 4)..
لذا تمهل وإياك أن لا تشعر بالفزع إن «لم تكن بخير»، لأن مفهوم الخير أوسع من علمك، وهكذا فسرها المولى عز وجل في قوله تعالى: «وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ»، فاستجب لمن خلقك وسلمه أمرك، لعله يرشدك إلى خيرك.
من الحياة للممات
يعيش الإنسان من الحياة للممات، في كبد وتعب ومشقة، يكابد حتى ينجح فيما خلقه الله عز وجل بشأنه، وهو العبادة، فيقاوم رغبات الشيطان، وهوى نفسه، وشهوات الدنيا الكثيرة، وربما ينجح على (الأد)، أو برضا وستر الله عز وجل، ثم يأتي الموت ويتصور البعض أنه النهاية لهذه الكبد والمشقة، إلا أنها بداية أخرى لمشقة جديدة، مشقة في الحساب على ما فعلته في دنيتك، وهل نجحت أم لا، وبالتالي تمر بأعجوبة من حساب القبر، في انتظار حساب أكبر في الآخرة، لكن ما قد يرفع عنك كل هذا الخوف سواء من الدنيا أو الآخرة.. هو أنك تعلم يقينًا أن الله معك أينما تكون، فأنت تحبه، وهو يحبك، فكيف بأحدهم الله يحبه، ولا يرضى، ولا يسعد!..
ففي الحديث القدسي يقول المولى عز وجل: «من عادى لي ولياً فقد آذنته بحرب مني، وما تقرب لي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه، ومازال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها وقدمه التي يمشي بها وإذا سألني لأعطينه وإذا استغفرني لأغفرن له وإذا استعاذني أعذته».
اقرأ أيضا:
من ومضات شهر المحرم وفضائله.. كيف تلتمس النجاة كما التمسها موسى؟الرضا
النجاح في مواجهة كل ذلك يأتي بأمر واحد، وهو الرضا، ففي الحديث القدسي يقول المولى عز وجل: «(يا ابن آدم، خلقتك لعبادتي؛ فلا تلعب، وقسمت لك رزقك، فلا تتعب، وفي أكثر منه فلا تطمع، فإن رضيت بما قسمتُ لك أرحتُ نفسك، وكنت عندي محمودًا، وإن لم ترض بما قسمت لك، فوعزتي وجلالي لأسلطن عليك الدنيا، تركض فيها ركض الوحوش في البرية، ثم لا يكون لك فيها إلا ما قسمتُ لك، وكنت عندي مذمومًا».. إذن الأمر بأيدينا، فقط نختار الطريق الصحيح ونسير فيه.