أخبار

دراسة: البكتيريا المسببة لأمراض اللثة تزيد من خطر الإصابة بالسرطان

تحذير من خطورة عدم ممارسة الرياضة: تسبب 3 أمراض "تغير الحياة"

مواقف وأخلاق الكبار .. أجمل ردة فعل عن الغضب

أصب على ابني وابلًا من الشتم والصراخ كلما أخطأ ثم أندم .. بم تنصحونني؟

فسخنا مرتين أثناء الخطوبة وعدنا وعقدنا القران وخائف من الطلاق .. ما الحل؟

كيف يكون بر الوالدين في الحياة وبعد الممات؟

كن من أصحابها.. القلوب الصافية عبادة غالية عند الله تعالى

سمعتك غالية عليك.. فلا تضيعها بهؤلاء

هل رفض الصحابة كتابة وصية النبي عند وفاته. فأغضبوه؟

احذر: ترك هذا الفرض يستوجب عذاب الله فورًا ويحبط الدعاء

هل تعظم أصحاب الفكر والعقل؟ أم تنافق أصحاب المال والسلطة؟

بقلم | أنس محمد | الاحد 22 سبتمبر 2024 - 11:41 ص


يقول الشاعر:

ذو العقل يشقى في النعيم بعقله ***************** وأخو الجهالة في الشقاوة ينعم

لا يجد الإنسان شيئًا يحب أن يمتدحه بله الناس بمثل ما يحب أن يوصف به من العقل والنضج الفكري، فقد يكون الإنسان صاحب سلطة وصاحب مال، إلا أن أكثر ما يعجبه حينما تمدحه أن تعدد صفات عقله ونضج أفكاره، حتى ولو كان على سبيل النفاق، فما أجمل للمرء من أن تمتدح مقاله وتنبهر بأفكاره.

لكن ماذا ولو كان الحال بخلاف ذلك، كأن يكون الشخص يفتقد النضج في التفكير وتكون السطحية والرعونة في الفهم والتفاهة والضحالة على مستوى الإنتاج العقلي، فوقتها ربما يكون الشخص الجاهل على غير علم ما يسيئ إليه، حتى ولو كان ذا مال أو سلطة، فربما يكون وجه الإعجاب به من أجل ماله وسلطته، ولكن وقتها سيكون عقله محل سخرية الأخرين وإن أظهر الناس له غير ذلك.

ودائما ما يميل الناس في استشاراتهم ويتوددون في مجالسهم لأصحاب العقول، بوجوده يكون السداد في الرأي وتحضر الحنكة والنباهة في التصرف والتدبير، ويبقى هذا النوع من النضج رهين بما يمر به الشخص ولا يمكنه أن يأتي من فراغ، بل لا بد من المرور بتجارب الحياة بما فيها من مصاعب شديدة وتحديات معقدة ومواقف مأساوية، لأن لها الدور الأساس في تطوير آليات التفكير والانتقال به إلى مرحلة النضج.

مميزات العاقل


فالإنسان العاقل صاحب الخبرات يكون على قدر عالي من المستوى المعرفي وله مركزه المهني ومكانته الاجتماعية، فإنه حامل لأفكار مؤثرة بشكل مباشر في حياته بصفة عامة، وعلى قراراته التي يتخذها والأحكام التي تصدر منه بصفة خاصة، وترتبط درجة نضج فكره بمخزونه المعرفي ومهاراته العليا التي كلما زادت فعاليتها إلا وزاد معها إدراك المرء لحقيقة الأمور، كما يرتبط نضج تفكيره أيضا بمدى تصالحه مع ذاته المفكرة رغم كل ما فيها من عيوب ونقائص، وكلما كان قابلا لتغيير تصوراته وآرائه ليصبح شخصا سوي التفكير إلا وكان أقدر على استيعاب الأمور بشكل صائب وفهمها بدقة، وهذا ما يسمح ببروز شخصية مستقلة غير تابعة لغيرها تتفاعل مع المجتمع بصورة طبيعية تؤثر وتتأثر بالآخرين دون أن تتيح لهم الفرصة للسيطرة عليها.

والإنسان الناضج في تفكيره يتفاعل بشكل إيجابي مع محيطه، وفي نفس الوقت لا يسمح لأحد بأن يتحكم في تفكيره أو أن يقوم بهذه العملية الذهنية في مكانه.

اقرأ أيضا:

أصب على ابني وابلًا من الشتم والصراخ كلما أخطأ ثم أندم .. بم تنصحونني؟

وهم أم حقيقة؟


في أوقاتنا الحاضرة مالت الناس في ظروف كثيرة لأصحاب السلطة والأموال وليس لأصحاب العقول، فكان في القديم حينما تهنم على فعل يتحدد عليه مستقبلك، أو تتخذ وسيطا بينك وبين جارك لحل مشكلة أو للحكم بين الناس، فكان أصحاب العقول والفكر هم الملاذ الآمن للناس للحكم بينهم، وكان الكبير من العلماء والمفكرين وأصحاب الخبرات، فكانوا هم زهرة القى والمدائن في كل نجع أو مدينة.

أما الآن فقد أصبح كبراء الناس أكثرهم مالا ونفوذا، حتى ولو لم يكن له أي قيمة علمية، او خبراتية، وأصبح الأخ يتباهى بأخيه الذي يملك سيارة أو ورشة كبيرة أو وظيفة لهانفوذ وليس الأخ المثقف القارئ والمتعلم.

والمرء لا يدرك حقا بأنه صاحب تفكير ناضج عندما يجهل ما يدل على وصوله لذلك النوع من النضج، وزعمه بأن تفكيره يمتلك مقومات النضج قد يكون في الحقيقة مجرد توهم، فكيف يمكن له أن يعرف مقدار نضج تفكيره؟ ومتى يتيقن حقا من أن فكره بلغ ذروة النضج؟ ببساطة من خلال مجموعة من المؤشرات والمعايير القياسية التي تدل على التفكير الناضج، وتحديدها بالتدقيق يلزمه وضع اقتراح نموذجي يقوم على ثلاث أسس متداخلة تتفاعل مع بعضها في منظومة متكاملة.

 فإذا كانت المرجعية الفكرية للشخص قوامها مبني على الباطل، فضمنيا نظرته إلى ذاته ستكون سلبية مهما حاول إظهارها في أبهى حلة، وبالتالي فإن ذلك سيؤثر سلبا على تعامله مع الآخرين وتفاعله مع المحيط الخارجي، والعكس صحيح.

كيف يمكن معرفة درجة النضج الفكري لكل إنسان حتى تستعين به؟


أولاً: التفكير والخلفية الثقافية


التفكير البشري ينبع من خلفية فكرية ولا يكون بمعزل عنها، وإن بدا بسيطا في ظاهره إلا أنه يظل مرتبطا ارتباطا وثيقا بمرجعه الذي انبثق منه، ومن خلال هذه الخلفية يمكن تحديد مستوى النضج الفكري؛ بناءً على ما يحمل العقل من تصورات حول مجموعة من المفاهيم والمواضيع على اختلافها وتنوع حمولاتها، وحسب طبيعة الخلفية الفكرية تكون إنتاجية الأفكار حول مختلف الأمور والقضايا.



ثانيًا: ثقة الإنسان في نفسه وانفتاحه على الغير


يُعرف الشخص الناضج بنظرته لذاته وكل ما تحويه، لهذا تجده يعتقد يقينا بأن الآراء والأفكار قابلة للتغيير، فهو صاحب تفكير منفتح، يرفض ربط نفسه بفكرة معينة أو رأي معين يقيد به عقله؛ ولذلك يتحفظ كثيرا فيما يتعلق بالانتساب إلى التيارات الفكرية مادامت أنها تفرض على المنتمين إليها أفكارا معينة مع إلباسها لباس القدسية، فعقله لا يمكنه أن يحيا في وسط تعتبر أفكاره وتصوراته كلها حقائق ثابتة لا نقاش فيها.

وبنضوج تفكير الإنسان تصبح نظرته إلى ذاته متزنة بحيث يرى نفسه على حقيقتها بما فيها من نقائص وعيوب، ويُحمِّلها المسؤولية التامة عن كل ما يصدرها منها، بعيدا عن أية محاولة لتجميل الذات خارجيا لكي تبدو في صورة مثالية، بمعنى أن الإنسان الناضج فكريا لا يحتاج للتكلف والتصنع مادام أن ذاته في الأصل لا تنجذب لِما يمكنه أن يكون زائفا وغير حقيقي، فنظرته لذاته أحادية ليس لها معنى متغير ومتعدد؛ إذ لا ازدواجية في الحقيقة عنده.



ثالثًا: تعامل الفرد وتفاعله مع الآخرين


يعي صاحب التفكير الناضج أنه لا يستطيع أن يعيش داخل بيئة اجتماعية من دون التعامل مع الآخرين، لذا فهو يحاول جاهدا أن يكون تعامله مطبوعا بنوع من المرونة المعقلنة، فنجده يركز على الأفكار والأحداث والمواقف من دون الانحصار في تصيد أخطاء الآخرين، ومِثل ما يؤمن بحريته يؤمن أيضا بحرية غيره؛ فلا يتدخل في الخصوصيات والأمور الشخصية التي تتعلق بالآخرين، إلى جانب ذلك فهو يرفض فرض أفكاره وآرائه عليهم، كما أنه يتعامل معهم بمنطق إنساني صرف لا سعي فيه إلى إرضائهم، ويبدي احترامه لهم جميعا على تنوعهم واختلاف مرجعياتهم.

 يقبل الإنسان الناضج فكريا ولو على مضض الانخراط الحيوي في الحياة التي وجد نفسه فيها وإن كانت غير عادلة في بعض الأحيان، لكن تفاعله يكون إيجابيا مع محيطه الخارجي في نطاق العلاقة المشتركة بينهما، وفقا لما لديه من قيم إنسانية حقة ومفاهيم وتصورات ذهنية، ولا يجعل تفاعله يكون من منطلق واحد قائم على الدوافع والمطامع والأهداف المادية، وهذا التفاعل يتطلب التوفر على نظرة شاملة وقراءة واعية ومستبصر للواقع، من هنا يمكن القول بأن الشخص الذي يمتلك تفكيرا ناضجا ينخرط بشكل فعال مع قضايا محيطه الخارجي ويعتبر نفسه جزءا منها، إذ لا يمكنه أن يعزل نفسه عنها لأنها من صميم اهتماماته ذات الأولوية والمكانة المركزية.



رابعًا: الاعتبار بالتاريخ


من علامات “النضج العقلي”، هو الاعتبار بالتاريخ، ذلك أن الإنسان ليس منفصلاً عن ماضيه، ولا يمكن أن يتشكل حاضره ومستقبله بمعزل عنه، والعاقل من أفاد من ماضيه، بما فيه من أخطاء ونجاحات، فيبني على النجاح ويتجنب الخطأ، وفي الحديث الشريف: “لا يُلْدَغُ المؤمنُ من جُحْرٍ مرتين” (متفق عليه).

أما من لم يصل للنضج، فإنه قد يكرر الخطأ ذاته لمرات ومرات! ولا يستفيد من ماضيه، وبالتالي لا يحسن في حاضره ولا في مستقبله: {أَوَلَا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَّرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لَا يَتُوبُونَ وَلَا هُمْ يَذَّكَّرُونَ} (التوبة: 126).

خامسًا: الاحتكام إلى الأدلة والشواهد


العاقل من يبني أحكامه وتصوراته على أدلة قاطعة، أو شواهد متكررة، فلا ينطلق من الظن- وإن كان لا يتجاهله تمامًا- ولا يجري وراء الأوهام تاركًا الحقائق، أو ينساق خلف انطباعاته ومزاجيته.

لأن عدم الاحتكام إلى الأدلة الواضحة، يوقع المرء في التجاوز بحق الآخرين، فيسيء الظن بهم، أو يستحل أموالهم، أو يعتدي على خصوصياتهم..

وقد يأخذ أحدهم مسارًا، أو يُصدر حكمًا، فإذا سألته عن حيثيات حكمه، وجدت ظنًّا أو وهمًا أو انطباعًا، ولم تجد دليلاً محققًا، أو حتى قرائن متعددة! وقد عاب القرآن الكريم على الكافرين قولهم في الملائكة بغير علم، فقال: {إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ لَيُسَمُّونَ الْمَلَائِكَةَ تَسْمِيَةَ الْأُنثَىٰ وَمَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ ۖ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ ۖ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا} (النجم: 27، 28).

وكم أفسد غياب الدليل من علاقات، وأوقع الناس في مشكلات، وجعل الأوهامَ تحل محل الحقائق، والخطواتِ تتجه إلى غير الوجهة الصحيحة!



سادسا الاعتراف بالأخطاء

الخطأ من طبيعة الإنسان، فردًا أو مجتمعًا، فالكمال لله تعالى وحده، والعصمة لأنبيائه ورسله، لكن العاقل من يبادر بالتوبة، ويعترف بالتقصير، ويسارع في التصحيح، أما غير العاقل فيتمادى في الخطأ، بل يكابر أنْ لا خطأ، مما يراكم النتائج السلبية، ويزيد الطين بلّة: {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُوا أَنفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا} (النساء: 64).

إن الرجوع للحق لم يكن أبدًا مَنقصة، إلا عند من لم يتحقق لديهم النضج العقلي، فيفضّلون التمادي في الخطأ على الاعتراف بالتقصير والعودة إلى الحق! يهربون من اللوم إلى مزيد من الأخطاء!



الكلمات المفتاحية

مميزات العاقل الوهم والحقيقة أصحاب الفكر والعقل

موضوعات ذات صلة

الأكثر قراءة

amrkhaled

amrkhaled لا يجد الإنسان شيئًا يحب أن يمتدحه بله الناس بمثل ما يحب أن يوصف به من العقل والنضج الفكري، فقد يكون الإنسان صاحب سلطة وصاحب مال، إلا أن أكثر ما يعجبه