المدينة المنورة، ثاني أعظم المدن على وجه الأرض، بعد مكة المكرمة، ورغم أهميتها إلا أن كثير من المسلمين، للأسف تناسوها، وأخذتهم وشغلتهم دنياهم عنها، فكيف بنا ننسى المدينة التي آوت ونصرت رسولنا الأكرم صلى الله عليه وسلم، كيف بنا ننسى الأنصار، وننسى سيدنا معاذ بن جبل رضي الله عنه، أحد أهم رجالات الأنصار، ودوره في دعم نبينا الأكرم صلى الله عليه وسلم، وكيف بنا ننسى قول الله عز وجل في أهل المدينة من الأنصار: «وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ۚ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ» ( الحشر 9).. ألم يئن الأوان أن نتعايش مع هؤلاء الأطهار الأخيار ولو لدقائق في يومنا.

فضل المدينة

هي أولى المدن التي أقام عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، دولة الإسلام، وهي المدينة التي رغم حب النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم، لمكة، كونها وطنه، وفيها الكعبة المشرفة، إلا أنه دفن فيها، لمكانتها في قلبه، ولدورها في تعظيم ونشر الإسلام.


بل أن نبينا الأكرم صلى الله عليه وسلم، حينما علم بغضب أهل المدينة من تقسيم عطايا إحدى الغزوات، ولم تسملهم، ناداهم وخطب فيهم قائلا: «يا معشر الأنصار : ما قالة ، بلغتني عنكم ، وجدة وجدتموها علي في أنفسكم ؟ ألم آتكم ضلالا فهداكم الله ، وعالة فأغناكم الله ، وأعداء فألف الله بين قلوبكم قالوا : بلى ، الله ورسوله أمن وأفضل . ثم قال : ألا تجيبونني يا معشر الأنصار ؟ قالوا : بماذا نجيبك يا رسول الله ؟ لله ولرسوله المن والفضل . قال صلى الله عليه وسلم : أما والله لو شئتم لقلتم ، فلصدقتم ولصدقتم : أتيتنا مكذبا فصدقناك ، ومخذولا فنصرناك ، وطريدا فآويناك ، وعائلا فآسيناك . أوجدتم يا معشر الأنصار في أنفسكم في لعاعة من الدنيا تألفت بها قوما ليسلموا . ووكلتكم إلى إسلامكم ، ألا ترضون يا معشر الأنصار أن يذهب الناس بالشاة والبعير ، وترجعوا برسول الله إلى رحالكم ؟ فوالذي نفس محمد بيده ، لولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار ، ولو سلك الناس شعبا وسلكت الأنصار شعبا ، لسلكت شعب الأنصار . اللهم ارحم الأنصار ، وأبناء الأنصار . وأبناء أبناء الأنصار».. انظر لفضلها وأهميتها، الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم، يتمنى لو كان واحدًا منهم، ويظل يدعو الله لهم، فكيف بنا نسنى هؤلاء من أحاديثنا وحياتنا!.

اقرأ أيضا:

ومن يتق الله يجعل له مخرجًا.. تعرف على معنى الوعد الإلهي في هذه الآية

بركة المدينة

ألم تعلم عزيزي المسلم، أن نبينا الأكرم صلى الله عليه وسلم، سأل الله البركة للمدينة أن تكون ضعفي مكة، فعن أنس رضي الله عنه عن النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم قال: «اللهم اجعل بالمدينة ضعفي ما جعلت بمكة من البركة»، فكيف بنا لا نحب أن تحيطنا البركة إذا نحن فقط ذكرنا المدينة ورجالاتها من الأنصار؟.. خصوصًا لو عرفنا أن البركة أعم من أن تكون في أمور الدين أو الدنيا، لأنها بمعنى النماء والزيادة.