حال المؤمن يختلف عن حال غيره.. تعرف على سر التمايز
بقلم |
محمد جمال حليم |
السبت 04 يناير 2025 - 12:03 م
إن وضع المؤمن عند الله له مكانة عظيمة فهو ليس كغيره وهذا لأن المؤمن مكرَّم عند الله تعالى فليس من أطاع الله كمن عصاه.. وليس من صبر على أذى الناس واحتمل أذاهم كمن آذاهم وسعى في إلحاق الضرر بهم. والمتتبع لآي القرآن الكريم وسيرة النبي صلى الله عليه وسلم يجد هذا التباين ظاهرًا: "ليميز الله الخبيث من الطيب"، ومن مثل قوله: "هل يستوي الذين يعلمون الذين لا يعلمون" إلى غير ذلك من الآيات. تشبيهات المسلم في السنة: وقد ورد في السنة النبوية عدة تشبيهات للمؤمن تبين فضله ومن ذلك ما جاء عن عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ مِنَ الشَّجَرِ شَجَرَةً لَا يَسْقُطُ وَرَقُهَا، وَإِنَّهَا مَثَلُ الْمُسْلِمِ، فَحَدِّثُونِي مَا هِيَ؟» فَوَقَعَ النَّاسُ فِي شَجَرِ الْبَوَادِي، قَالَ عَبْدُ اللهِ: وَوَقَعَ فِي نَفْسِي أَنَّهَا النَّخْلَةُ، فَاسْتَحْيَيْتُ، ثُمَّ قَالُوا: حَدِّثْنَا مَا هِيَ؟ يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ فَقَالَ: «هِيَ النَّخْلَةُ» قَالَ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِعُمَرَ، قَالَ: لَأَنْ تَكُونَ قُلْتَ: هِيَ النَّخْلَةُ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ كَذَا وَكَذَا". وقد ورد في شرح الحديث أن معنى (مثل المسلم) قال العلماء شبه النخلة بالمسلم في كثرة خيرها ودوام ظلها وطيب ثمرها ووجوده على الدوام فإنه من حين يطلع ثمرها لا يزال يؤكل منه حتى يبس وبعد أن ييبس يتخذ منه منافع كثيرة ومن خشبها وورقها وأغصانها فيستعمل جذوعًا وحطبًا وعصيًا ومخاصر وحصرًا وحبالًا وأواني وغير ذلك ثم آخر شيء منها نواها وينتفع به علفًا للإبل ثم جمال نباتها وحسن هيئة ثمرها فهي منافع كلها وخير وجمال كما أن المؤمن خير كله من كثرة طاعاته ومكارم أخلاقه (فوقع الناس في شجر البوادي) أي ذهبت أفكارهم إلى أشجار البوادي وكان كل إنسان يفسرها بنوع من أنواع شجر البوادي وذهلوا عن النخلة، وقال الإمام القسطلاني: وهذا الحديث قد سبق في مواضع من كتاب العلم، ورواه البزار وزاد ما أتاك منها نفعك والحكمة في تمثيل المؤمن بها لكثرة خيرها ونفعها على الدوام وثمرها يؤكل رطبًا ويابسًا وهو غذاء ودواء وقوت وحلوا وشراب وفاكهة ووجه شبهها بالإنسان من وجوه استواء القدّ وطوله وامتياز الذكر عن الأنثى، وأنها لا تحمل حتى تلقح وإذا قوبل بين ذكورها وإناثها كثر حملها لاستئناسها بالمجاورة ورائحة طلعها كرائحة مني الإنسان وإذا قطعت رأسها هلكت بخلاف الأشجار، ويكفي في شرفها وكثرة خيرها أن الله تعالى شبه بها شهادة أن لا إله إلا الله بقوله تعالى:{ومثل كلمة طيبة}[إبراهيم: 24] الآية. فكما أنها شديدة الثبوت في الأرض فذلك الإيمان في قلب المؤمن وارتفاعها كارتفاع عمل المؤمن وكما أنها تؤتي أكلها كل حين كذلك ما يكسبه المؤمن من بركة الإيمان وثوابه في كل حين على اختلاف صنوفه.