حثنا النبي صلى الله عليه وسلم على المكوث في المصلى لذكر الله عز وجل حتى تشرق الشمس ثم صلاة ركعتين، لما لهذه العبادة من فضل وأجر عظيم، وحري بكل مسلم أن يواظب عليها في العشر الأوائل من شهر ذي الحجة، وخاصة وقد حيل بين كثير من المسلمين وبين أداء فريضة الحج للعام الثاني على التوالي بسبب جائحة كورونا.
وقد جاء في فضل الجلوس للذكر بعد الفجر ، ما رواه الترمذي من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ صَلَّى الْغَدَاةَ فِي جَمَاعَةٍ ، ثُمَّ قَعَدَ يَذْكُرُ اللَّهَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ ، كَانَتْ لَهُ كَأَجْرِ حَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ ) ، وحسنه الشيخ الألباني رحمه الله في " صحيح سنن الترمذي " .
قال الشيخ محمد المختار الشنقيطي حفظه الله : " وهذا الفضل له شروط :
أولها : أن يصلي الفجر في جماعة ، فلا يشمل من صلى منفرداً ، وظاهر الجماعة يشمل جماعة المسجد وجماعة السفر وجماعة الأهل إن تخلف لعذر ، كأن يصلي بأبنائه في البيت ، فيجلس في مصلاه .
ثانياً : أن يجلس يذكر الله ، فإن نام لم يحصل له هذا الفضل ، وهكذا لو جلس خاملاً ينعس ، فإنه لا يحصل له هذا الفضل ، إنما يجلس تالياً للقرآن ذاكراً للرحمن ، أو يستغفر ، أو يقرأ في كتب العلم ، أو يذاكر في العلم ، أو يفتي ، أو يجيب عن المسائل ، أو ينصح غيره ، أو يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ، فإن جلس لغيبة أو نميمة لم يحز هذا الفضل ؛ لأنه إنما قال : ( يذكر الله ) .
الأمر الثالث : أن يكون في مصلاه ، فلو تحول عن المصلى ولو قام يأتي بالمصحف ، فلا يحصل له هذا الفضل ؛ لأنه فضلٌ عظيم ، وهو حجةٌ وعمرة تامة تامة ، فهذا فضل عظيم ... ، وتحصيل الفضل العظيم يكون أكثر عناءً وأكثر نصباً ، فيحتاج إلى أن يتكلف العبد في إصابة ظاهر هذه السنة ، فيجلس حتى تطلع الشمس ، ثم يصلي ركعتين ". انتهى من "شرح زاد المستقنع للشنقيطي" .
و الراجح أنه لا يشترط بقاء المصلي في المكان الذي صلى فيه ، فما دام في المسجد يذكر الله تعالى ، فإنه يرجى له حصول ذلك الثواب.
من شرط تحصيل الثواب الوارد في الحديث ، أن يشتغل الجالس في ذلك الوقت بالذكر ، والمقصود بذلك غالب وقته ، وإلا قد يعرض للشخص ما يكون سببا في قطع ذكره ، ويستحب له في تلك الحال أن يقطع الذكر ، كأن يقطع الذكر لرد السلام ، أو لتشميت العاطس ، أو أن يخرج من المسجد لكي يتوضأ ، فهذا كله وغيره لا يحصل به تفويت الفضل الوارد ؛ لكون الانقطاع عن الذكر لعذر .
قال النووي رحمه الله في " الأذكار " (ص/46) : " فصل في أحوال تَعْرِضُ للذاكر يُستحب له قطعُ الذكر بسببها ، ثم يعودُ إليه بعد زوالها ، منها : إذا سُلِّم عليه ردّ السلام ثم عاد إلى الذكر ، وكذا إذا عطس عنده عاطسٌ شَمَّتهُ ثم عادَ إلى الذكر " انتهى .
وجاء في " فتاوى اللجنة الدائمة - المجموعة الثانية " (6/150) : " من جلس في مصلاه بعد أداء صلاة الفجر يذكر الله حتى طلعت الشمس ثم أحدث فخرج من المسجد ليتوضأ ثم رجع بعد وضوئه لمصلاه من قريب ولم يطل مكثه خارج المسجد فصلى ركعتين بعد ارتفاع الشمس قدر رمح ، فإن خروجه ذلك لا يؤثر ولا يمنع من حصوله على الثواب العظيم المترتب على تلك العبادة إن شاء الله تعالى وهو إدراك حجة وعمرة تامتين والفوز بجنته " .
اقرأ أيضا:
الذكر يريح القلب ويبعث الطمأنينة .. تعالوا نذكر الله بهذه الطريقةاقرأ أيضا:
كيف تدير مشكلة طرفها امرأة.. هكذا كان يفعل النبي؟!