أخبار

ما مدة صلاحية الاحتفاظ بالأطعمة في "الفريزر"؟

دراسة: البروتين النباتي يحمي من أمراض القلب

الرجال والنساء ثلاثة.. هل تعرف هذه الأوصاف؟

نساء خطبهن النبي ولم يتزوج بهن

كيف أداوم على الطاعة.. تعرف على أهم الوسائل

حين تقول يومًا: الحمد لله أنه لم يستجب دعائي

لا تلق بها في النهر.. سلوكيات يبغضها القرآن والسنة؟

دعاء من القرآن فيه سر الاستجابة .. للفتح والتوفيق في مشروعات الحياة

سنة نبوية مهجورة.. من أحياها أجاره الله في مصيبته وأخلفه خيرًا منها

كيف تصل إلى مرتبة الإحسان بالصبر؟ (الشعراوي يجيب)

في عز ضعفك.. أصدقاء سيهربون منك وآخرون لا تعرفهم سيهون الله بهم عليك

بقلم | أنس محمد | الاربعاء 16 اكتوبر 2024 - 09:17 ص



الشدة من المصطلحات التي تحمل فقها عجيبا، وفلسفة لا ترتبط إلا بالله عز وجل، فعند وقت الشدة، تتجلى المعجزات، وتأتي العبر، وتحدث الخوارق، وينزل اللطف الرباني، وليس أدل على ذلك، من تلك الشدة التي تعرض لها النبي صلى الله عليه وسلم في حادثة الطائف، حينما هرول الصبيان بتحريض من المشركين وراء رسول الله صلى الله عليه وسلم يقذفونه بالحجارة، حتى دميت قدم النبي الشريفة، ليأتي اللطف الرباني في صورة عداس.

وبينما كان النبي صلى الله عليه وسلم يجلس حزينا بعد أن صده أهل الطائف عن دعوته، مثخنًا بالجراح الذي أدمى قدمه الشريفة وشج رأسه، تحرّكت بعض العاطفة في قلبي ابنَي ربيعة للنبي صلى الله عليه وسلم، رغم شركهما وكفرهما، فدعوا غلامًا لهما نصرانيا اسمه عدّاس، وقالا له -كما ترويه كتب السير-: خذ قطفا من العنب، واذهب به إلى الرجل، فلما وضعه بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم مد يده إليه قائلا: ( باسم الله ثم أكل، فقال عدّاس: إنّ هذا الكلام ما يقوله أهل هذه البلدة، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: من أيّ البلاد أنت؟ قال: أنا نصراني من نينوى (بلدة بالعراق)، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أمِنْ قرية الرّجل الصّالح يونس بن متّى؟.

فدُهِش عدَّاس وقال للنبي صلى الله عليه وسلم متعجبًا: وما يدريك ما يونس؟! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ذلك أخي، كان نبيّا وأنا نبيّ. فأكبّ عدّاس على يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجليه يقبلهما، فلمّا جاء عدّاس قالا له: ويلك يا عداس! ما لك تقبل رأس هذا الرجل ويديه وقدميه؟ قال: يا سيدي، ما في الأرض شيء خير من هذا، لقد أخبرني بأمر ما يعلمه إلا نبي.

فلم يكن عداس بالأمر الهين على قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل كان المنحة الربانية التي منحها لنبيه.

يحدث في عز ضعفك


تظهر في وقت الشدة معادن الرجال الحقيقية، ويظهر معها ما تحمله الشخصية الإنسانية من قيم ومبادئ تعمل لصالح الجميع، أو تظهر ما تحمله الشخصية من مصالح ومطامع ومنافع مادية بحتة تعود بالضرر على الجميع.

فحينما تكون في عز ضعفك أو مرضك قد تحزن أشد الحزن لعدم اهتمام أعز أحبابك ولو بمجرد السؤال عنك، فقد يستغنى عنك أكثر أحبابك لشعورك بأنك أصبحت مثل الحصان المريض ليس له فائدة، بعد أن مص دمائك ووقفت بجانبه حتى اشتد عوده وقويت شوكته، ونهم من عزك وخيرك الذي هو من فضل الله أولا، ولكن حينما ضعفت قوتك تخلى عنك، الأمر الذي يعود بك إلى الشعور بأكبر مرارة في حياتك، خاصة إذا كان هذا من عزيز عليك مثل الابن أو الأخ أو الصديق العزيز.

ولكن في المقابل قد ينزل الله عليك رحمته من ناحية أخرى، فبعدما تخلى عنك القريب والابن والصديق، قد تجد أن هناك من يسأل عنك، ويهتم لأمرك ويبكي لبكائك، ويغتم لغمك، فتشعر باللطف الرباني في هذا الوقت، وأن الله يبعث لك رسائله التي تمتلئ بالحنان، بأنه إذا كان الناس قد تخلو عنك فالله العزيز الجبار لم يتخل عنك.

في هذا الوقت تشعر كم كنت مقصرا مع الله، وكم كنت بعيدا عنه، ولكنه وبالرغم من نسيانك للرحمن الرحيم فهو لم ينساك، لتبكي على ما فرطت في جنب اللهن وكم كنت سيئا في اختيارك، حينما كنت تعمل في رضاء الناس على حساب الله.

الحنية لا تُطلب


والتاريخ به كثير من الأمثلة على ذلك، ومن ذلك سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قحط المطر على عهد أبي بكر الصديق، فاجتمع الناس إلى أبي بكر فقالوا: السماء لم تمطر، والأرض لم تنبت، والناس في شدة شديدة، فقال أبو بكر: انصرفوا واصبروا، فإنكم لا تمسون حتى يفرج الله الكريم عنكم، قال: فما لبثنا أن جاء أجراء عثمان من الشام، فجاءته مائة راحلة بُرًّا -أو قال طعاما- فاجتمع الناس إلى باب عثمان، فقرعوا عليه الباب، فخرج إليهم عثمان في ملأ من الناس، فقال: ما تشاءون؟ قالوا: الزمان قد قحط؛ السماء لا تمطر، والأرض لا تنبت، والناس في شدة شديدة، وقد بلغنا أن عندك طعاما، فبعنا حتى نوسع على فقراء المسلمين، فقال عثمان: حبًّا وكرامة، ادخلوا فاشتروا، فدخل التجار، فإذا الطعام موضوع في دار عثمان، فقال: يا معشر التجار كم تربحونني على شرائي من الشام؟ قالوا: للعشرة اثنا عشر، قال عثمان: قد زادني، قالوا: للعشرة خمسة عشر، قال عثمان: قد زادني، قال التجار: يا أبا عمرو، ما بقي بالمدينة تجار غيرنا، فمن زادك؟ قال: زادني الله -تبارك وتعالى- بكل درهم عشرة، أعندكم زيادة؟ قالوا: اللهم لا، قال: فإني أشهد الله أني قد جعلت هذا الطعام صدقة على فقراء المسلمين. قال ابن عباس رضي الله عنهما: فرأيت من ليلتي رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام وهو على برذون أبلق (الذي فيه سواد وبياض) عليه حُلَّة من نور، في رجليه نعلان من نور، وبيده قصبة من نور، وهو مستعجل، فقلت: يا رسول الله، قد اشتد شوقي إليك وإلى كلامك فأين تبادر؟ قال: "يا ابن عباس، إن عثمان قد تصدق بصدقة، وإن الله قد قبلها منه وزوَّجه عروسا في الجنة، وقد دعينا إلى عرسه". فما أحوجنا في هذه المرحلة من حياتنا إلى تلك البطولات الحقيقية في إنفاق الأموال على الفقراء والمساكين والمحتاجين لينعم المجتمع بالتعاطف والمواساة والبر والإحسان، والتي تمثل قيما أخلاقية عليا في الشريعة الإسلامية نحتاج إليها في وقتنا الحالي.



الكلمات المفتاحية

وقت الشدة الصداقة معادن الناس

موضوعات ذات صلة

amrkhaled

amrkhaled الشدة من المصطلحات التي تحمل فقها عجيبا، وفلسفة لا ترتبط إلا بالله عز وجل، فعند وقت الشدة، تتجلى المعجزات، وتأتي العبر، وتحدث الخوارق، وينزل اللطف الر