الصبر.. لاشك من أصعب الأمور على كل إنسان، بل أن هناك أناسًا لا يقدرون على الصبر ولو لثواني، فكيف بنا نتعلم الصبر، ونمكن أنفسنا منه؟.. بداية على كل مسلم أن يعي جيدًا أن الابتلاء إنما هو قضاء الله وقدره في عباده، وأنه ليس للإنسان إلا ما سعى، وأنه لا يمكن لمؤمن ألا يختبره الله حتى يميز الل الخبيث من الطيب.
قال تعالى: «أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ» ( العنكبوت 2)، لكن المؤمن الثابت على دينه، لا يحركه أو يزحزحه شيء مهما كان، فعن أبي يحيى صهيب بن سنان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «عجباً لأمر المؤمن، إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له».
الابتلاء سنة
أيضًا على كل مسلم أن يعي جيدًا أن الابتلاء سنة الله عز وجل في خلقه، قال تعالى: «وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً » (الْأَنْبِيَاءِ: 35)، والابتلاء يكون في كل شيء سواء بالخير أو والعياذ بالله بالشر، ويكون في الأبناء أو المال أو الصحة أو أي شيء يريده الله عز وجل، قال تعالى يوضح ذلك: «لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ » (آل عمران: 186).
كما أشار القرآن الكريم إلى أن الأصل في خلق الإنسان هو الابتلاء، وأن حياته محفوفة بالمتاعب والمشاق والمحن والبلايا، وذلك في قوله تعالى: « لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ » (سورة البلد: 4)، على ذلك فالحياة الدنيا ليست جنة نعيم، وإنما دار ابتلاء وتكليف، ومن عرف ذلك لم يفاجأ بكوارثها، وبالتالي كأنه يتدرب على الصبر حتى يصل لمرحلة اليقين في الله عز وجل تمامًا، وأن كل أقداره لا يقابلها إلا الرضا وفقط.
اقرأ أيضا:
سلامة الصدر.. خلق الأنبياء وصفة أهل الجنة وسمت الصالحينعظمة الرضا
إذن التدريب على الصبر يصل بالإنسان إلى الرضا، وهي درجة عظيمة جدًا، من يصل إليها فقد فاز ونال أكثر مما يتمنى، فالرضا يمنح العبد سكون القلب وطمأنينته وقوته وشجاعته، كما أنه يقلل عنه تأثير أي مصاب أليم، ويعطيه الصبر والتسليم بما قضى الله وقدر؛ لعلمه أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه.
وهو ما يؤكده المولى عز وجل في قوله تعالى: « وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا » (الأحزاب: 38)، أي أنه أي شيء يرده الله فإنما هو سينقضي لاشك، ولا رد له مهما كان، يقول سبحانه وتعالى: « وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا » (النساء: 47) أي أن الفعل الإلهي واقع بأي حال، وبالتالي ليس أمام العبد المؤمن بالله إلا قبوله والرضا به لأن الله قدرها قبل الخلق في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى، قال تعالى: « مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا » (الْحَدِيدِ: 22).