أوتدري عزيزي المسلم أنه للمال أيضًا حق عليك فيما تنفقه وفيما تخرجه، ومتى تنفقه؟.. فليس معنى أن معك الكثير من المال أن تعيش في (فوضى) من الإنفاق غير المحسوب، فتقع في سبة السفه والعياذ بالله، قال تعالى: «وَلَا تُؤْتُواْ ٱلسُّفَهَآءَ أَمْوَٰلَكُمُ ٱلَّتِى جَعَلَ ٱللَّهُ لَكُمْ قِيَٰمًا وَٱرْزُقُوهُمْ فِيهَا وَٱكْسُوهُمْ وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلًا مَّعْرُوفًا» (النساء 5)، فالسفيه ينفق ولا يدري فيما ينفق، لأنه غير مؤهل عقليًا لذلك، وبالتالي فإن قراراته لن تكون محسوبة أبدًا، ويجوز رد هؤلاء في تصرفاتهم، إذ يروى أن رجلا أعتق عبدا ليس له مال غيره فرده النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم ولم يكن حجر عليه قبل ذلك.
الاعتداء على المال
تخيل عزيزي المسلم، أن الله حرم فيما حرم، الاعتداء على المال، فعن أبي بكرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال في خطبته يوم النحر بمنى في حجة الوداع: « إن دماءكم، وأموالَكم وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذَا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا، ألا هل بلغت».
ومع ذلك ترى كثيرًا من الناس يستحلون أموال الغير، ويضعون آلاف المبررات للاعتداء عليها، أو للحصول عليها، فحفظ المال من المقاصد الخمس الضرورية، ولكن ليس المقصود بتحصيله ولا بحفظه أن يعمل المسلم في أي وظيفة يكتسب بها المال، بل عليه اختيار وظيفة (حلال)، حتى يربي أولاده من مال، وحتى يلتقي الله عز وجل، ولم يتكسب مليمًا واحدًا من حرام، فعن أبي برزة نضلة بن عبيد الأسلمي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيم أفناه؟ وعن علمه فيم فعل فيه؟ وعن ماله من أين اكتسبه؟ وفيم أنفقه؟ وعن جسمه فيم أبلاه».
اقرأ أيضا:
سلامة الصدر.. خلق الأنبياء وصفة أهل الجنة وسمت الصالحينكيفية الإنفاق
أما في كيفية الإنفاق، فبالتأكيد الحرام بين والحرام بين، ولكن بينهما أمور مشتبهات، فعلى كل مسلم أن يحذر الوقوع في المشتبهات، أيضًا عليه أن ينفق فيما أتاه الله في الصدقة والزكاة وكل أوجه الخير التي حددها المولى عز وجل، ولا يبخل لأن المال مال الله، ولا يفعل مثلما فعل قارون حين قال (إنما أوتيته على علم عندي)، بل يكن كسيدنا عثمان ابن عفان حين تبرع ببئر في سبيل الله مازالت حتى الآن صدقة عليه، رغم وفاته من مئات السنين، لكن أيضًا على أن يكون الإنفاق باعتدال.
قال تعالى: «وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُورًا» (الإسراء 29).. فإن إضاعة المال من الأمور المكروهة في الدين، فقد روى المغيرة بن شعبة رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : «إن الله كره لكم ثلاثا : قيل وقال ، وإضاعة المال ، وكثرة السؤال».