أين الله؟.. ترى كثيرًا من الناس يقولون بأن الله عز وجل موجود في كل مكان، بالتأكيد الله يعلم كل شيء في كل مكان، ليس فقط على الأرض، وإنما أيضًا تحت التراب وفي عمقها، وفي أعماق البحار والمحيطات، وفي السماء وبين النجوم، فكل المخلوقات تجله وتعظمه.
قال تعالى: «يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا ۚ وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ» (سبأ 2)، لكن رغم هذه الحقيقة، إلا أن وجود الله عز وجل فإنما هو في مستوٍ على عرشه سبحانه وتعالى، قال تعالى يؤكد ذلك: «الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى » (طه: 5)، ويفسر العلماء هذه الآية بقولهم: إن الاستواء معلوم (أي في العلو)، لكن الكيف مجهول، بينما الإيمان به واجب.
القدرة العظيمة
علينا أن نفرق بين (مكان وجود الله) وبين قوة الله عز وجل، فقوة الله تفوق كل القوى مهما كانت، ومن هنا يأتي القرآن الكريم ليضرب للعالمين المثل الذي يقرب إليهم حقيقة وجود الله وقدرته سبحانه على البعث والنشور.
فقال تعالى: « أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانْظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ » (البقرة: 259).
فهنا قدرة الله عز وجل واضحة تمامًا، بينما وجوده فهذا أمر مختلف، قال تعالى: «وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ۗ وَلَئِن قُلْتَ إِنَّكُم مَّبْعُوثُونَ مِن بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَٰذَا إِلَّا سِحْرٌ مُّبِينٌ» ( هود 7).
اقرأ أيضا:
سلامة الصدر.. خلق الأنبياء وصفة أهل الجنة وسمت الصالحينانظر حولك
لكن إذا نظرت حولك عزيزي المسلم، ستجد القدرة والدليل الأكيد على وجود الله، قال تعالى: «أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ * وَإِلَى السَّمَاء كَيْفَ رُفِعَتْ * وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ * وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ * فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ * لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِر} (الغاشية: 17: 22).
بينما يوقن أهل السنة أن الله استقر عرشه في السماء، ففي صحيح الإمام مسلم في حديث معاوية بن الحكم السلمي في قصة ضربه لجاريته وفيه «قلت يا رسول الله أفلا اعتقها ؟ قال ائتني بها ، فأتيته بها فقال لها : أين الله ؟ قالت في السماء ، قال من أنا " قالت : أنت رسول الله ، قال : أعتقها فإنها مؤمنة».