العام الهجري الجديد هو بداية حياة بداية أمل بداية تفاؤل هي بداية لكل مسلم لا يزال قلبه ينبض بالحياة .. ولذا نفرح بقدومه حيث يحمل لنا البشريات ويذكرنا بعظائم الأحداث حيث الهجرة المباركة ورحيل النبي الكريم صلى الله عليه وسلم من مكان إلى مكان وما تحمله الهجرة من دروس وعبر لهذا نفرح بقدوم عام جديد.
لهذا نفرح بعام جديد:
ونفرح لأن لا يزال في الوقت متسع لتوبة .. متسع للعودة إلى الله ما زال أمامنا الطريق مهيئًا ومعبدا للوصول إلى الله والاستفادة من سنة الزمان وتداول الأيام فاغتنام الأوقات بالطاعات هي إحدى ثمرات الوقت وتداول ايامه لهذا وبخ الله تعالى الكفار لما أعطاهم العمر المديد، فلم يستفيدوا منه، فقال عز وجل: {أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ} [فاطر:37].
ومن جانب آخر مدح المؤمنين، لأنهم استفادوا من أعمارهم، واغتنموا أوقاتهم، فقال عز وجل: {كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ} [الحاقة:24]، وفي الحديث أنه عليه الصلاة والسلام أخبر أنه: «لن تزول قدما عبدٍ يوم القيامة حتى يسأل عن أربع خصال: عن عمره فيم أفناه، وعن شبابه فيم أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، وعن علمه ماذا عمل فيه» (صحيح الترغيب)، وقال أيضًا عليه الصلاة والسلام: «اغتنم خمسًا قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك». فإذا كنا ما زلنا أحياء ونستقبل عاما جديدا فحق لنا أن نفرح ولنسارع إلى التوبة بمفهومها الكبير.
احذر تضييع الوقت:
احذر تضييع الوقت والفراغ والصحة في غير طاعة الله ففي الحديث نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ.. ولنتعجل فعل الطاعة بكل صورها والنبي صلى الله عليه وسلم بين هذا المفهوم بقوله: «عجلوا الخروج إلى مكة، فإن أحدكم لا يدري ما يعرض له من مرض أو حاجة»، وقال: «من أراد الحج، فليتعجل؛ فإنه قد يمرض المريض، وتضل الضالة، أو تعرض الحاجة» (حديث صحيح).
ومن ثم لا ينبغي للمسلم إضاعة الأوقات في الملاهي والمحرمات وصرف الجهد والمال في غير موضعه لماذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن قيل وقال، وكثرة السؤال، ونهى عن سؤال ما لم يقع؟ لأجل حفظ الوقت، فيكون حال الجاهل بحق ربه ومصلحة نفسه من يضيع أوقاته في مثل هذه الترهات، وكثيرٌ ما هم! نعم إن العوارض كثيرة، والأشغال متعددة، وتتزاحم الهموم، وينشغل التفكير، ويتكدر صفاء الذهن بمشكلات الحياة الكثيرة، ولذلك لا بد من اغتنام الأوقات قبل عروض المشاغل.
حقيقة الزمان:
ولو أدركنا حقيقة الوقت والعمر لا سيما ونح نستقبل عاما جديدا حق لنا أن نفرح قبل أن تتحسر على ضياعه لأنه لا يتحسر أهل الجنة على شيء إلا على ساعةٍ مرت بهم في الدنيا لم يذكروا الله عز وجل فيها، فإذا قارنّا هذا بالساعات الطوال التي تضيع في غير ما فائدة، بل إنّها تقضى في المعاصي، ولا يُبقي كثيرٌ من الناس لربهم وعبادته سبحانه إلا ساعة إذا اكتملت، هذا إذا اكتملت، لاشك أنّ هذا خسارة لعمر العبد وأن العواقب سوف تكون ضده أليمة، وهنا ينبغي أن يقف العاقل مع نفسه وقفةً يتذكر فيها ربه، ويعد العدة لما بعد الموت.