عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « من رأى منكم منكرا فليغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه ، وذلك أضعف الإيمان»، فكيف إذن نحقق أضعف الإيمان؟.. وهل هو تقصير؟.
بالأساس يجب أن نعلم أن الحديث النبوي الشريف، إنما يدعو الأمة لتثبيت الحق، والدفاع عنه مهما كان، وتحت أي ظرف، مهما اختلفت القوة، ذلك أن القيام بواجب الدفاع عن الحق يحقق لهذه الأمة التمكين في الأرض ، ورفع راية التوحيد ، وتحكيم شرع الله ودينه ، وهذا هو ما يميزها عن غيرها من الأمم ، ويجعل لها من المكانة ما ليس لغيرها.
ولذلك امتدحها الله تعالى في كتابه العزيز حين قال : « كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ۗ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُم ۚ مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ » ( آل عمران : 110 ) .
حماية للمجتمع
التدخل لتغيير المنكر إنما هو يحمي المجتمع ككل من الآفات التي تضربه هنا وهناك، لكن لا يجوز التقليل بشأن رفض الأخطاء بالقلب فقط، لأن المقصود هو إنكار بالقلب أي الكراهية، وإنما سمي أضعف الإيمان لأنها أقلها ثمرة عند الله، وليس لأنها خطأ، فجميعنا يحمل أمانة كبيرة لحماية المجتمع من أي ضرر.
فقد روى الإمام البخاري ومسلم عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما ، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « كلكم راع ومسؤول عن رعيته ، فالإمام راع وهو مسؤول عن رعيته ، والرجل في أهله راع وهو مسؤول عن رعيته ، والمرأة في بيت زوجها راعية وهي مسؤولة عن رعيتها ، والخادم في مال سيده راع وهو مسؤول عن رعيته ، فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيّته » ، بل أن النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم قد بين عاقبة الذين يفرطون في هذه الأمانة فقال : « ما من عبد يسترعيه الله رعية فلم يحطها بنصحه إلا لم يجد رائحة الجنة ».
إنكار واجب
العلماء بينوا أن الإنكار بالقلب إنما هو فرض على كل مسلم، ولا يحق لأي مسلم أن يتركها، فكيف بمسلم أن يرى خطأ ما، ولا يتحرك قلبه؟.. وفي ذلك ، يقول الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه : «إن أول ما تغلبون عليه من الجهاد : جهادٌ بأيديكم ، ثم الجهاد بألسنتكم ، ثم الجهاد بقلوبكم ، فمتى لم يعرف قلبه المعروف وينكر قلبه المنكر انتكس»، فإذا أضاعتها الأمة شاع الفساد فيها.
فعن النعمان بن بشير رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « مثل القائم على حدود الله والواقع فيها ، كمثل قوم استهموا على سفينة ، فأصاب بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها ، فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مرّوا على من فوقهم ، فقالوا : لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقا ولم نؤذ من فوقنا ، فإن يتركوهم وما أرادوا هلكوا جميعا ، وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعا ».
اقرأ أيضا:
سلامة الصدر.. خلق الأنبياء وصفة أهل الجنة وسمت الصالحين