شهرالله المحرم هو شهر عظيم من أشهرِ الله الحُرُم، فيه يوم عاشوراء، الذي نجا الله فيه سيدنا موسى عليه السلام، وبه يبدأ العام الهجري، وتتجدد ذكرى الهجرة النبوية المشرفة، على صاحبها أزكى الصلاة وأتم السلام.
وقد كان من هدي سيدنا رسول الله ﷺ استقبال هلاله بالتضرع والدعاء إلي الله وحث اصحابه علي الإكثار من الطاعات والعبادات خلال هذه الأيام المباركة التي تجتمع فيها العشرات من الفضائل عبر عام هجري جديدكان ذا اثر مفصلي علي البشرية وفيه يوم عاشوراء بشكل يجعل الاكثار من صلاة الفروض والنوافل والصيام والتصدق الي الله تعالي والتوسعة علي أهل البيت من الأمور التي ينبغي الإكثار منها خلال هذه الأيام المباركة .
ويعد المُحَرَّم الشهر الأول من السنة القمرية أو التقويم الهجري، وكان اسمه في الجاهلية مُؤْتَمِر أو المُؤْتَمِر، في حين كان يطلق اسم المُحَرَّم في الجاهلية على شهر رَجَب.
وسمي هذا الشهر بذلك لكونه شهرًا محرّمًا، فهو أحد الأشهر الحُرُم الأربعة، وهي التي لا يستحلّ فيها المسلمون القتال، قال الله تعالى فيها: «إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَأوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً ۚ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ» (سورة التوبة: 36).
وقال الحافظ السيوطي: سُئلت لِمَ خصَّ المُحَرَّم بقولهم شهر الله دون سائر الشهور، مع أن فيها ما يساويه في الفضل أو يزيد عليه كرمضان، ووجدت ما يُجاب به، بأن هذا الاسم إسلامي دون سائر الشهور، فإن اسمها كلَّها على ما كانت عليه في الجاهلية، وكان اسم المُحَرَّم في الجاهلية صفر الأول، والذي بعده صفر الثاني، فلما جاء الإسلام سمَّاه الله المحرم، فأضيف إلى الله تعالى بهذا الاعتبار.
الأمام ابن الجوزي رحمه الله تطرق إلي هذا الأمر قائلا : أن الشهور كلَّها لها أسماء في الجاهلية غير هذه الأسماء الإسلامية، قال: فاسم المُحرم بائق، وصفر نفيل، وربيع الأول طليق، وربيع الآخر ناجز، وجمادى الأولى أسلح، وجمادى الآخر أفتح، ورجب أحلك، وشعبان كسع، ورمضان زاهر، وشوال بط، وذو القعدة حق، وذو الحجة نعيش.
مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، حث المسلمين في شهر المحرم علي القيام بـ 6 أعمال من الطاعات والعبادات ينبغي على المسلم الحرص والمداومة عليها خلال الأشهر الحُرم، ومنها هذا الشهر المحرم.
االمركز أوضح في منشوره أن أول هذه الأعمال في شهر المحرم، الإكثار من العمل الصالح، والاجتهاد في الطاعات.
متابعا «وثاني هذه الأعمال في شهر محرم المبادرة إليها والمواظبة عليها ليكون ذلك داعيًا لفعل الطاعات في باقي الشهور، وثالث هذه الأعمال في شهر محرم أنه على المؤمنُ أن يغتنمَ العبادة في هذه الأشهر التي فيها العديد من العبادات الموسمية كالحج، وصيام يوم عرفة، وصيام يوم عاشوراء».
ورابع هذه الأعمال في شهر المحرم يتثمل في ترك الظلم في هذه الأشهر لعظم منزلتها عند الله، خاصة ظلم الإنسان لنفسه بحرمانها من نفحات الأيام الفاضلة، وحتى يكُفَّ عن الظلم في باقي الشهور، وخامس هذه الأعمال في شهر المحرم الإكثار من إخراج الصدقات، وسادسًا الإكثار من الصيام».كما سبق وتحدثنا فإن الصيام في شهر الله المحرم من الطاعات التي ينبغي للمسلم فيها أن يتقرب من الله حيث
ثبت في السنة النبوية أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أوصى بالصيام في هذا الشهر، فعن أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ اللَّهِ الْمُحَرَّمُ، وَأَفْضَلُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ صَلَاةُ اللَّيْلِ».
ومن الأيام التي حث رسولنا الكريم علي صيامها في بداية المحرم التاسع والعاشر من هذا الشهر والمسمي يوم عاشوراء
فعن أبي قَتادة رضي الله تعالى عنه، عن الرّسول - صلّى الله عليه وسلّم - قال: «صوم عاشوراء يكفِّر السّنة الماضية، وصوم عرفة يكفِّر سنتين: الماضية والمستقبَلة» رواه النَّسائي في السّنن الكبرى، وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنه قال: «ما رأيت النّبي - صلّى الله عليه وسلّم - يتحرّى صيام يومٍ فضَّله على غيره إلا هذا اليوم، يوم عاشوراء، وهذا الشّهر، يعني شهر رمضان» رواه البخاري، ومسلم، والنَّسائي، وأحمد.
ويوم عاشوراء كما هو معروف اليوم العاشر من شهر الله المحرّم على الصّحيح، وهذا هو ما ذهب إليه جمهور العلماء، وهو ليس اليوم التّاسع كما يقول البعض منهم، وذلك أنّ كلمة عاشوراء جاءت بمعنى اليوم العاشر، وهذا هو مقتضى الاشتقاق والتّسمية، وأنَّ اليوم التاسع يسمى تاسوعاء.
وأمّا جزاء صيام يوم عاشوراء فإنّه تكفير لذنوب العام الماضي، وذلك لما جاء في صحيح مسلم: «أنّ النّبي - صلّى الله عليه وسلم - سئل عن صوم يوم عاشوراء؟ فقال: يكفّر السّنة الماضية».
وقد وردت الكثير من الأحاديث والأقوال التي تذكر فضل صيام يوم عاشوراء، ومنهاما رواه عبد الله بن أبي يزيد، أنّه سمع ابنَ عباسٍ رضيَ اللهُ عنهما، وسُئل عن صيامِ يومِ عاشوراءَ، فقال: «ما علمتُ أنَّ رسولَ اللهِ - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ - صام يومًا، يطلُبُ فضلُه على الأيّامِ، إلا هذا اليومَ. ولا شهرًا إلا هذا الشهرَ، يعني رمضانَ» رواه مسلم، وفي لفظ: «ما رأيت النّبي - صلّى الله عليه وسلّم - يتحرّى صيام يوم فضّله على غيره إلا هذا اليوم: يوم عاشوراء..» أخرجه البخاري، ومسلم، والنّسائي، وأحمد .
وكذلك ما ورد عن أبي قتادة رضي الله عنه، أنّ النّبي - صلّى الله عليه وسلّم - قال: «صيام يوم عاشوراء، أحتسب على اللَّه أن يكفر السّنة التي قبله» أخرجه مسلم، وأبو داود، والترمذي، وأحمد، والبيهقي .
وفي نفس السياق أطلق مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية أحدث حملاته الدعوية «دروس من الهجرة»، بالتزامن مع بدء العام الهجري الجديد؛ تعريفًا بأهم الدروس المستفادة من الهجرة النبوية الشريفة، وبيانًا لفضائل صحابة سيدنا رسول الله ﷺ الأبرار؛ مهاجرين وأنصار رضي الله عنهم أجمعين.
وتهدف الحملة إلى بيان مكانة صِدِّيق الأمة رفيق الهجرة سيدنا أبي بكر الصديق رضي الله عنه، ودوره البارز في الهجرة المباركة، ونصرته لسيدنا رسول الله ﷺ.
كما تهدف إلى ربط واقع المسلمين بالأحداث الإسلامية الفارقة، وإحياء دروسها الإيمانية التي على رأسها: الثقة في الله، وحسن التوكل عليه، والهجرة من المحرمات ومواطنها وصحبتها إلى الطاعة والإيجابية والتغيير للأفضل، وضرورة الأخذ بالأسباب الدنيوية المشروعة.
اقرأ أيضا:
استعن على عجزك وبلائك بالصبر والصلاةويمكنكم متابعة الحملة على المنافذ الإلكترونية لمركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، كما يمكنكم التَّواصل المباشر مع المركز على هاتف رقم: 19906 في مواقيت العمل الرسميَّة، وعبر رسائل فيس بوك الخاصّة، ومن خلال تطبيق المركز لتلقي الفتاوى.