عزيزي المسلم، حينما تكون متأخرًا على موعدك، وتقريبًا مازلت في بيتك، ومع ذلك تقول إنك قاربت على الوصول، الدافع الذي يجعلك تقول هذا الكلام، هو أنك لا تريد أن تسمع كلمة ربما (تضايقك) لا تريد أن تجرح كرامتك .. كأن اعتزازنا بكرامتنا أقوى بكثير داخلنا من أننا نقول الصدق .. فنستسهل الكذب للأسف..
الفكرة ليس في أنها ( كذبة بيضاء ).. وإنما الفكرة في أن هذا الكلام له انعكاس داخلك كبير !.. فهو ليس اعتزاز بكرامة بقدر ما هو درجة من درجات ( الكِبر ) التي تجعلك غير قابل لأن أحد ما ينتقدك حتى لو كنت مخطيء.. وحينما يكون (الكِبر) أعلى بداخلك من (الصدق )، فاعلم أن هذه بطانة غير سوية، وأساس خاطئ مبني داخلك يجب أن تصلحه فورًا.
رأس الأخلاق
فالصدق عزيزي المسلم هو رأس الأخلاق .. والكذب رأس الشرور .. ولو كانت أعظم جريمة هي الكفر فالكذب أعظم منه !.. لأن معنى كَفَرَ : غطى أو ستر .. يعني غطى الحقيقة بالكذب .. فهو لن يكفر بالله من غير أن يكذب على نفسه وعلى فطرته بأنه ليس هناك إله أو هناك في شركاء مع الله والعياذ بالله..
ولو كان الكِبر عظيمًا.. فالكذب أعظم منه .. لأن كل كِبر أصله كذب وإنكار لواقع و حقائق .. وهناك من (يكذب الكذبة وتصدقها ).. وهذه نظرية الشيطان حينما قال: ( أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ ۖ ).
إذن عزيزي المسلم، أنت تقول (قربت أن أصل) حتى لا تسمع كلمة تجرحك وكبريائك بالتالي لا يسمح بذلك.. اجعله يسمح وتقبل أن تتجرح ولو قليلا، طالما كنت مخطئا، وسيكون لاشك درس لك، حتى لا تكررها مرة أخرى، وينتهي الأمر على هذه التجربة وفقط.. لكن الأهم من ذلك أنك حينها (اشتريت نفسك)، و حميتها من بذور الكذب التي ستكون بداية لأمور عديدة لا تدرك أبعادها .
اقرأ أيضا:
سلامة الصدر.. خلق الأنبياء وصفة أهل الجنة وسمت الصالحينتبرير الكذب
البعض للأسف يعيش على الكذب ، ويظل طوال الوقت يبرره، حتى يصل الأمر لحد الوقوع في مصائب كبيرة، لكن كأنهم تعودوا فيمر الأمر مرور الكرام دون تعلم أو وعي.. لكن علينا أن نعي جيدًا أن الكذب هو الخُلق الوحيد الذي لا يجوز فيه أن يكون موجود بدرجات ولا يمتنع بالتدريج .. وإنما لابد له أن يُنزع من داخلك نزعًا، وفي أدق التفاصيل ..
لكن اعلم يقينًا أن تركيبتك النفسية وهي مبنية على شفافية الصدق ستكون شيئا مختلفا عن لو كانت مليئة ببذور للكذب .. لكن من اعتيادنا لا نأخذ بالنا أنه كذب !.. فالصدق الصدق هو الإيمان .. وهو اليقين .. والنبي صلى الله عليه وسلم سُئل : أيكون المؤمن جباناً ؟ قال : ( نعم ) ، ثم سُئل: أيكون المؤمن بخيلاً ؟ قال : ( نعم ) ، ثم سُئل: أيكون المؤمن كذاباً؟ قال : ( لا ) ).