في زمن بات كل شيء قد يكون معرضًا للبيع، فهل أصبح أيضًا ماء الوجه مما هو معروض للبيع؟..
إذ يروى أن أعرابياً كان يسكن بجوار الحسن بن علي رضي الله عنهما، وقد أصابه الفقر والعوز الشديد، فطلبت منه زوجته أن يذهب للحسن يسأله بعض المساعدة، لما عرف عنه أنه كريم آل البيت ولا يرد سائلاً أبدًا، فأبلغها أنه يخجل من فعل ذلك، لكنه أنشد له شعرًا وكان يحسن الشعر قال فيه: ( لم يبق عندي ما يباع ويُشترى .. يكفيكَ رؤية مظهري عن مخبري.. إلا بقية ماء وجه صنته ُ.. عن أن يباع وقد وجدتكَ مُشتري)، فلما قرأها الحسن بكى ، وجمع ما عنده من مال وأرسله إليه، وكتب له: (عاجلتنا فأتاكَ عاجل برنا.. طلاً ولو أمهلتنا لم نقصرِ.. فخذ القليل وكنْ كأنكَ لم تبع.. ما صنتهُ و كأننا لم نشترِ).
تفقد الناس
عزيزي المسلم تفقد جيرانك وأرحامك، فربما منهم من لا يجد قوت يومه، ولو كنت تملك القليل الذي يؤويك فقسمه بينك وبينه، فهذا والله هو أجمل ما في الدنيا كلها، أن تعين مكروبًا، فقد كانت هذه أجمل صفات نبينا الأكرم صلى الله عليه وسلم قبل البعثة، كما قالت له أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها: (إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكل، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق)، فمن كانت فيه هذه الصفات لا يمكن أن يخزيه الله أبدًا، فأما فضل مساعدة ومعاونة الناس فهو عظيم جدًا.
ومن ذلك ما رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما: أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة، ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة».
اقرأ أيضا:
بيت الظالم يخرب قبل بيت الكافر.. فلا تظلم أحدًاانظر للغد
عزيزي المسلم انظر للغد، قد يكون جارك أو قريب لك بحاجة اليوم، وأنت غدًا تكون بحاجته، فإياك أن ترد طلب أحدهم، لأن الأمر جلل، والدنيا على هذا وذاك، واعلم جيدًا أن موقفك هذا لم يمر أمام الله عز وجل أبدًا، وإنما ستحل على فضل ليس كمثله شيء.
ففي صحيح مسلم عن سيدنا أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه».