تخيل عزيزي المسلم، أن الغِل والغيظ داخل كل واحد منا درجات .. لكن حين يزيد الغيظ ويتملك من القلب .. هنا القلب يُعمى، وساعتها يخدر عقل الإنسان.
قال تعالى يوضح ذلك: (قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ )، وبالتالي هناك من لم يهد قلبه إلا بعد أن ينتقم، وهناك من توقفت حياته ينتظر أن يعود له حقه ممن ظلمه.. و هناك من كره، وشعور الكره هذا استحوذ عليه وانعكس على باقي حياته .. وهناك من عرف كيف يسامح ويعفو!
ما الذي يتحكم في كل ذلك؟.. هناك فكرة لو تواجدت واشتغلت عليها ستعدل موازين الغِل والغيظ في قلبك كثيرًا .. وهي: (أن تعرف جيدًا أن الإنسان الذي اتسبب في وجعك أو ظلمك .. هو من صنع الله )، فمهما حصل لابد أن تضع أُطر و حدود في كراهيتك له و غِلك ناحيته !.
منهج الله
هذه الأُطر هي منهج الله عز وجل في التعامل مع الظالم بأخذ الحقوق و بالقصاص .. لكن لو لم تعرف؟ .. فليس البديل هو الكُره أو الغِل أو الانتقام بأهواءك .. لأنك بهذا الأمر تكون فوضت أمرك لله، وكل الذي تفعله محاولات سعي للأخذ بالأسباب ، سواء عرفت أو لم تعرف، فالحساب عند الله مختلف تمامًا.
الإنسان حتى لو ظالم .. عاصي .. ولو كان كافرًا .. فهو من ممتلكات الله .. ربنا سبحانه وتعالى خلقه عبدًا له .. وبالتالي فإن حسابه عند من خلقه وفقط .. سيربيه بطريقته وفي توقيته المناسب .. أما بالنسبة لك فإن القهر أو الوجع أو المقاومة التي يقاومها قلبك حتى تحافظ على قلبك سليمًا، فهذا عند الله عز وجل لاشك (عظيم) .. لكن هل تدري ماذا يعني عظيم ؟، يعني أن الله هو الذي سيعيد لك حقك بنفسه، ولما لا والنبي الأكرم صلى الله عليه وسلم يقول في حديثه الشريف: «من آذى مسلمًا بغير حق، فكأنما هدم بيت الله».
اقرأ أيضا:
بيت الظالم يخرب قبل بيت الكافر.. فلا تظلم أحدًامكانتك عند الله
عزيزي المسلم، كن على يقين بأنك غال جدًا على الله، ولك مكانة كبيرة عنده سبحانه، وبالتالي بمجرد تفويضك له فاعلم يقينًا أنه لن يأتي لك أي شخص بحقك ممن ظلمك مهما كان على طريقته و منهجه .. حتى لو لم ترى هذا ولم تفهمه.. لأن نظرتك أن كل شيء مخلوق في الدنيا هو من صنع الله .. كفيلة أن تغير مشاعرك وأفكارك و تهون عليك ..
أوتدري مثلا حينما ترفض أذى أحدهم وتقول: (علشان عامل خاطر لأبوه )!.. ولله المثل الأعلى .. فإن شعورك أنك طوال الوقت في حضرة الله وضيف عنده في دنيته و تفويضك له بمنتهى اليقين .. فأنت بذلك أصبحت إنسانًا جديدًا بتركيبة جديدة حقيقية .. و حينها ستسطيع أن تتفهم ماذا يعني عفو و إحسان وقلب سليم وتروض الكُره والغل الذي بداخلك، قال تعالى يؤكد ذلك: (وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَىٰ سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ ).