يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «المهاجر من هجر ما نهى الله عنه، ولو شبرًا من الأرض»، إذن الهجرة هنا هي قضية اجتماع بشري وتطبيق البرنامج الإسلامي على حياة المؤمن اليومية، في أن يهاجر المسلم كل ما نهى الله عز وجل عنه، وأنه كلما فعل ذلك ولو لمجرد شبر واحد من الأرض، كتب عند الله مهاجرًا، فأي فضل هذا أن تكون مع المهاجرين يوم القيامة!..
فالحديث النبوي الشريف يخرج من المصطلح الضيق الذي تعنيه كلمة الهجرة على حدث معين وهو خروج سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم منتقلاً من مكة هو وصاحبه أبي بكر الصديق إلى المدينة إلى معنى أوسع من ذلك بكثير.
معنى أكبر
هذا المعنى الواسع يعني أن المهاجر هو من هجر ما نهى الله عنه فأصبح كل مسلم على وجه الأرض قادر أن يكون مهاجرا ، قادر على أن ينال أجر الهجرة ، وقادر على أن يغير حياته كما غيرت الهجرة حياة المسلمين ، وقادر على أن يبدأ صفحة جديدة في حياته مع الله سبحانه وتعالى.
لذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم دائمًا يقول: "جدد إيمانك"، فيقولون كيف نجدد إيماننا يا رسول الله ، فيقول قولوا (لا إله إلا الله) ، إذن عزيزي المسلم لا تقف صامتًا وردد ذكر الله بين الفينة والأخرى، فالأمر جلل ويستحق، إذ ستكون بين المهاجرين يومًا ما، صحيح لم تهاجر هجرة الرسول، لكنك هجرت هجرة الذنب إلى التوبة، هجرت إلى الله، فأي هجرة أعظم من ذلك؟.. مؤكد لا يوجد.
اقرأ أيضا:
بيت الظالم يخرب قبل بيت الكافر.. فلا تظلم أحدًاالبداية الجديدة
الحديث الشريف أيضًا يعلمنا مفهوم البداية الجديدة، بأن يخرج الإنسان نفسه من الإحباط ومن اليأس ويجعله ينظر إلى المستقبل وليس إلى الماضي ، ويجعله ليس أسيرًا لأخطائه وذنوبه ، فكل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون، ويجعله دائما صاحب أمل، ولا ينظر إلا إلى المستقبل، لا يبكي على لبن مسكوب ولا على أمل ضائع ، ومن هنا لا يكون مع هذا الحال اكتئاب أو إحباط أو اضطراب أو نوع من أنواع سجن النفس في النفس، وهذه الهجرة هي التي عناها النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم بقوله: «لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة، ولا تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها».