إحسان الظن بالله، من شروط كمال الإيمان والتوحيد وحسن الإسلام، فضلا عن كونه منزلة من أوسع المنازل في الإسلام وأجمعها.. بل أن الدين توكل واستعانة وثقة بالله ويقين بموعوده وحسن ظن بعفوه ورحمته ومغفرته.
ومن المهم الإشارة إلي إنّ من أعظم صور حسن الظن بالله أن يتوقع المرء الشفاء عند المرض والنجاح عند الفشل والفرج عند الكرب والنصر عند الهزيمة ودفع المصائب والبلاء عند حلولها، بل أن مَن ظن بالله ظنًا حسنًا، علم أن الأمر كله لله، وله الحكمة البالغة في ذلك.
كذلك من الثابت القول : إن حسن الظن بالله هو قوة اليقين بما وعد الله عباده من سعة كرمه ورحمته ورجاء حصول ذلك، وقد جاء في الحديث القدسي المتفق عليه، عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: قال النبي – صلى الله عليه وسلم -: يقول الله تعالى: «أنا عند ظن عبدي بي..
وفي السياق ذاته ، قال القاضي عياض – رحمه الله- عن حسن الظن بالله بأنه الغفران إذا استغفرني والقبول إذا أناب إليّ والإجابة إذا دعاني والكفاية إذا استكفلني، لأن هذه الصفات لا تظهر في العبد إلا إذا أحسن ظنه بالله وقوي يقينه».
وقال رسول الله صلي الله عليه وسلم فيما يرويه عن رب العزة : "أنا عن عند ظن عبدي بي" فإن أحسنت الظن فإن الله سبحانه وتعالى يستجيب لك على حسن ظنك، وإن أساءت فلا تلومن إلا نفسك.
ولا يغيب عنا هنا بحسب الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف بأن حسن الظن بالله يستلزم الثقة بما في يد الله سبحانه وتعالى، ويستلزم حسن التوكل عليه، والله سبحانه وتعالى يحب المتوكلين عليه، ويستلزم التسليم والرضا بقضائه وقدره في أنفسنا، ويستلزم الالتجاء إليه بالدعاء والدعاء هو العبادة.
وفي المقابل فإن إعدم حسان الظن بالله يسير في إطار القنوط من ثواب الله وموعوده، وقد قيل : قتل القنوط صاحبه, ففي حسن الظن بالله راحة القلوب. قال ابن حجر : «وإنما كان اليأس من رحمة الله من الكبائر لأنه يستلزم تكذيب النصوص القطعية . ثم هذا اليأس قد ينضم إليه حالة هي أشد منه , وهي التصميم على عدم وقوع الرحمة له , وهذا هو القنوط, بحسب ما دل عليه سياق الآية : {وإن مسه الشر فيئوس قنوط} وتارة ينضم إليه أنه مع اعتقاده عدم وقوع الرحمة له يرى أنه سيشدد عذابه كالكفار. وهذا هو المراد بسوء الظن بالله تعالى» فتح الباري.
اقرأ أيضا:
بيت الظالم يخرب قبل بيت الكافر.. فلا تظلم أحدًاومن ثم جب على المؤمن أن يحسن الظن بالله تعالى, وأكثر ما يجب أن يكون إحسانا للظن بالله عند نزول المصائب وعند الموت, قال الحطاب : ندب للمحتضر تحسين الظن بالله تعالى, وتحسين الظن بالله وإن كان يتأكد عند الموت وفي المرض , إلا أنه ينبغي للمكلف أن يكون دائما حسن الظن بالله , ففي صحيح مسلم : «لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله».
_