عزيزي المسلم.. اعلم يقينًا أن الله عز وجل لا يبتليك ليهلكك، وإنما يبتليك ليختبرك ويخرج منك أفضل ما فيك، وليمتحن صبرك وعبوديتك له سبحانه، فإن لله تعالى على العبد عبودية الضراء، وليس في السراء فقط، فمن عبد الله بنية الصبر على أي بلاء نال ما تمنى وأكثر، بل يكفيه أن الله وعد بأنه دئمًا مع الصابرين.
قال تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ » (البقرة: 153)، لذلك جاءت البشرى لأهل الصبر كبيرة جدًا، قال تعالى: « وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ » (البقرة: 155 - 157).
الصبر على البلاء
عزيزي المسلم، اعلم حقًا أن الصبر على البلاء إنما هو من كمال الإيمان واليقين بالله عز وجل، فالإنسان ربما يصاب بمصيبة في نفسه أو مصيبة في أهله أو مصيبة في أصحابه أو مصيبة في أمور أخرى، فإذا قابل هذه المصائب بالصبر وانتظار الفرج والأجر من الله، صارت المصائب تكفيرا لسيئاته ورفعة في درجاته.
وقد وردت في ذلك آيات وأحاديث كثيرة، فقال الله تعالى: « وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ » (البقرة: 155 - 157)، وهو ما وافقته السنة النبوية المطهرة، فقال النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم: «ما من مسلم يصيبه أذى من مرض فما سواه إلا حط الله به سيئاته كما تحط الشجرة ورقها».
اقرأ أيضا:
صفِ قلبك.. ترى بعين الرحمنمسح الخطايا
أيضًا على المسلم أن يعي تمامًا أن البلاء إنما يرفع به الله عز وجل درجات الصابرين عليه، ويمسح به الذنوب مهما كانت، فعن أم العلاء رضي الله عنها قالت: عادني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا مريضة، فقال: «أبشري يا أم العلاء؛ فإن مرض المسلم يذهب الله به خطاياه كما تذهب النار خبث الذهب والفضة»، فقد يكون بلاء في صورة شوك بسيطة تصيب المرء، فيرفع الله بها درجاته.
إذ يقول النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم: «ما من مسلم يشاك شوكة فما فوقها إلا كتبت له بها درجة ومحيت عنه بها خطيئة»، لذلك فإن أمر المسلم في الضراء قبل السراء كله خير، لأنه موقن في قدر الله وقضائه مهما كان، وفي ذلك يقول النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم: «عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله خير؛ وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن؛ إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له؛ وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له».