بديهي جدًا أن نكون نحن أمة محمد صلى الله عليه وسلم، ذاكرين لله سبحانه وتعالى، سواء بالصلاة أو بالتسبيح أو الاستغفار طوال الوقت، لكن كيف لنا أن نعرف أن الله عز وجل بذاته العليا يذكرنا؟.. وفي ذلك يقول أحد الحكماء: «نحن نذكر والله يذكر .. فذكرنا له نعرفه .. وذكره لنا لا نعرفه.. فهو يجعل فينا من المعاني بسببها ما أشار إليه بقوله ( يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى )، فيكون في باطننا ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.
ويقول أحد الحكماء: إن ذكر الله لنا، يظهر في صفاء ونقاء القلوب، والطمأنينة بقضاء الله وقدره مهما كان، وأنه كلما ازداد الذاكر في ذكره استغراقـًا ازداد محبة إلى لقائه للمذكور واشتياقـًا ، ومن ثم حفظ الله عليه كل شيء ، وكان له عوضـًا من كل شيء.
أمر إلهي
يقول المولى عز وجل في كتابه الكريم: «فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ» ( البقرة 152)، إذن هو الذي تعهد، ومن أوفى بعهده من الله؟.. مؤكد لا أحد على الإطلاق، وبالتالي الناجع هو الذي يذكر الله، وهو واثقًا في أنه سبحانه سيرد له ذكره، بناءً على وعده السابق، خصوصًا أن ذكر الله عز وجل هو العبادة السهلة اليسيرة لجميع الأوقات، ومختلف الأحوال والمناسبات.
فقد سأل رجل النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم عن شيء في الإسلام يتشبث به فقال: «لا يزال لسانك رطبا من ذكر الله»، فكيف بنا نضيع الوقت فيما لا يفيد، بينما بذكر الله، نجعله سبحانه يذكرنا، فتخيل عزيزي المسلم، أنت العبد الضعيف الذي لا حول لك ولا قوة، يذكرك ربك؟، فتكون النتيجة أن يحبك، وما أعظم من أن يحبك ربك؟.
وقد قال الله تعالى في حديثه القدسي: « من عادى لي ولياً فقد آذنته بحرب مني، وما تقرب لي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه، ومازال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها وقدمه التي يمشي بها وإذا سألني لأعطينه وإذا استغفرني لأغفرن له وإذا استعاذني أعذته».
اقرأ أيضا:
صفِ قلبك.. ترى بعين الرحمنخير أعمال العبد
عزيزي المسلم، اعلم يقينًا أن ذكر الله إنما هو خير أعمال العبد، فعن سيدنا أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ألا أنبئكم بخير أعمالكم، وأزكاها عند مليككم، وأرفعها في درجاتكم وخير لكم من إنفاق الذهب والورق، وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم»؟ قالوا: بلى. قال: «ذكر الله تعالى»، بل أن الذاكرون هم أهل السبق، وأهل السبق هم الذاكرون الله كثيرا والذاكرات؛ ففي الحديث، يقول النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم: «سبق المفردون» قالوا: وما المفردون يا رسول الله؟ قال: «الذاكرون الله كثيرا، والذاكرات».