حكايات العابدين والعارفين، كثيرة، وكل منقطع للعبادة، له سلوك خاص لتهذيب النفس والسمو بها.
راهب الشام:
قال ذو النون رحمه الله : ذكر لي عن راهب بالشام أنه لم يكلم أحدا مدة أربعين سنة فنهضت إليه فلم أزل أنادي تحت صومعته وأقسم أن يشرف عليّ حتى أشرف من أعلا صومعته فراودته على الكلام فأبى عليّ.
فقلت له: بالذي سكت من أجله ومن خوفه إلا أجبتني عما أسألك عنه.
فقال لي: قل ولا تطيل الكلام علي قلت له منذ كم أنت في هذا الموضع فقال منذ يوم واحد فقلت له وكيف ذلك قال سمعت الناس يقولون أمس واليوم وغدا فأما أمس فقد فات وأما اليوم فلي وأما الغد فلا أدري أبلغه أم لا ثم أدخل رأسه فما كلمني وهو يبكي ويقول لا صبر لي على النار.
اظهار أخبار متعلقة
موعظة بليغة:
معشر المذنبين اجعلوا أعماركم ثلاثة أيام يوم مضى يوم أنتم فيه يوم تنتظرونه لا تدرون بما يأتيكم من صلاح أو فساد ولعلكم لا تبلغونه فأصلحوا اليوم الذي مضى بالندم على ما فاتكم فيه من الطاعة والإحسان وما اقترفتم فيه من الذنوب والعصيان.
واليوم الذي مضى إنما تصلحونه في اليوم الذي أنتم فيه بالبكاء والندامة وذم النفس مع الملامة.
فيا معشر المذنبين أبعدوا السوء وأبدلوه بالإحسان وارغبوا في نعيم الجنان وارجعوا عن الأوزار والعصيان فإنها تزيدكم من عذاب النيران
أبعد السوء وأبغضه بغضا شديدا وكن على إبعاده بالتوبة جلدا جليدا من قبل أن يأتي يوم تود أن لو كان السوء عنك بعيدا ولم تتبع شيطانا غويا مريدا.
بياض الوجه:
البياض نور المغفرة وهو نور الرحمة وهو نور القرب وهو نور الوصال والسواد أيضا هو سواد البعد وهو سواد الانفصال وهو سواد النكال وهو سواد النقمة وهو سواد الحجبة.
قال الله تعالى : " كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون"، فالحجاب يا مسكين يا مغرور في الدنيا وقع على قلبك باكتساب السيئات ودوامك على الخطيئات واشتغالك عن رب الأرضين والسموات قال الله تبارك وتعالى " يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا".