من بعض أشكال اللطف أن الله عز وجل يقَدَّر عليك قرارًا كان صعب جدًا أن تعرف كيف تختاره !.. وما ذلك إلا لأن الاختيار قُدرة، وله ضريبة وكثيرًا ما يفتح لك أبواب الحيرة أو الندم.
وحينما يقدر الله عز وجل لك أو يختار لك، وتجد نفسك فجأه فُرض عليك قرار.. اعلم حينها أن الله سبحانه وتعالى سَهِل عليك مشوارًا كبيرًا من التفكير والتخطيط وحساب النفس و مجازفة الاختيار الخطأ.. وفوق كل ذلك .. فإن الله عز وجل بحكمته وعلمه هو الذي اختار لك بدلا منك .. وجسِّد اختياره في صورة بشر تمنعوا عنك .. أو أخذوا منك .. أو مواقف وتم ترتيبها بشكل غير متوقع .. حال وتغير .. قرارات فاجأتك .. أو خضتك .. حتى لو في ظاهرها ظلمتك.
مفاجأة جميلة
لكن وسط كل ذلك، تيقن أن الله عز وجل يحضَر لك أمورًا أخرى تمامًا، ومفاجآت لا تتوقعها، فمهما كنت غير مستعد لهذا القدر الذي جد عليك كن واثقًا من هذا المعنى، قال تعالى: ( يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الإِنْسَانُ ضَعِيفًا )، وهنا فكر وخطط للمستجدات الجديدة وأنت مطمئن .. كل الذي ستفعله وستخطط له وسيظهر لك بعدها خطوات لبداية جديدة و تشكيل جديد و طريق كان لابد أن تمشي فيه ومستحيل كنت تختاره من دون أن يُفرض عليك.
وفي ذلك يقول الفاروق عمر ابن الخطاب رضي الله عنه: « لو عرضت الأقدار على الإنسان لاختار القدر الذي اختاره الله له ».
وكل ذلك إنما أساسه الرضا بما قسم الله عز وجل، والتأدب مع الله عز وجل، فالعبد من تأدب مع ربه ولم يتزلزل عند تأخر ما وعده به، وثمرة هذا الثقة في الله والاطمئنان إلى حكمته وتدبيره.
قال تعالى: « مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ * لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ » (الحديد: 22، 23).
اظهار أخبار متعلقة
الآخرة خير وأبقى
إذن على كل مسلم أن يرضى بما قسم الله له، وأن يعلم أن الآخرة خير وأبقى، وأن الجزاء فيها هو الجزاء الأوفى.
وفي ذلك يقول النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم: «إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله تعالى إذا أحب قوما ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط»، فقد يكره العبد شيئا وفيه منفعته.
ولذلك قال تعالى: «وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ» (البقرة: 216).