قالوا لو كان حبك صادقا لأطعت الله عز وجل: (إن المحب لمن أحب مطيع ).. التوحيد لاشك طاعة مستمرة لا يخلو منها قلب ، فالعاصي المحب (مطيع )، لم يخلو وقت إلا وهو مطيع ، لأن توحيده لربه مستمر في قلبه يقظة ومناما ، ذاكرا وغافلا ، نشيطا ومتكاسلا ، توحيده مستمر بقلبه أثناء طاعة الجوارح وأثناء معصية الجوارح، فالمؤمن مطيع بتوحيده الذي بقلبه في كل فيمتوا ثانية
وتفسير بيت الشعر على ما يفهمه بعض الناس من أن المحب لا يعصي إنما هو فهم لا يسانده كتاب ولا سنة ، لأن معناه بهذا أن لا يعصي أبدًا ، وهذا للأنبياء فقط .
محبة العاصي
فليعلم الجميع أن نفي المحبة عن العاصي مناقض لقول الله تعالى : «إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ» (البقرة 222)، والتائب هو من يعصي فيستغفر ، ثم يعصي فيستغفر مرارًا وتكرارًا ، فأثبت لهم المحبة مع وجود الذنب وتكراره ، ولما علم الله أن الذنب طبيعة لا ينفك عنها الإنسان ، قال على لسان أشرف المخلوقات صلى الله عليه وآله وسلم : «لو لم تذنبوا لأتى الله بقوم يذنبون فيغفر لهم».
فالاستغفار عبادة من أجل العبادات، وبوابة من أعظم بوابات الخير والسعادة في الدنيا والآخرة، ومع سهولة هذه العبادة ويسرها إلا أن المستغفرين قليل للأسف، وبالتالي فإن المعاصي تحارب بالطاعات وتقوية الإيمان ومجاهدة النفس، قال تعالى: « وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى » (النازعات: 40)، وعند وقوعنا تعالج الذنوب باستعظامها والتوبة منها، قال تعالى: « إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ » (الأعراف: 201).
اقرأ أيضا:
صفِ قلبك.. ترى بعين الرحمنعدم الإصرار
أيضًا من أهم دلائل المحبة، عدم الإصرار على الذنب، لكن كبشر من الممكن الوقوع في الذنب، إنما المهم هو العودة عنه من فوره، وإثبات وتحقيق التوبة العاجلة، قال تعالى: «فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ » (آل عمران: 135).
فإن كنت عزيزي المسلم أدمنت المعصية وحاولت تركها فإياك واليأس، فقط انكسر بين يدي ربك وتضرع إليه أن يعينك على التوبة وأن يخلصك من الذنب، ولا تخشى الشيطان أبدًا، «إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ » (النحل: 99)، فقم واغسل ذنوبك جميعها، وأنت على يقين بأن الله سيتقبل منك صالح الأعمال، قال تعالى: «أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ » (التوبة: 104).