عزيزي المسلم، حينما تعرف معنى «فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا»، ستعرف جيدًا أن الملل يصيبنا نحن البشر، وهناك فارق بين المخلوق والخالق، وستفهم أن هذه الصفات منفية في علاقتك به سبحانه وتعالى، وستعرف أيضًا أنك من الممكن أن تطلب مرة واتنين وثلاثة ومليون، وأنك من الممكن أن تعود له سبحانه مجددًا للمرة المليون، وتظل في حالة طلب حتى تمل أنت ثم تعود من جديد، وهكذا ولو مليون مرة، لكن في النهاية لابد أن تعرف جيدًا أن الله أكبر.. إذن الإلحاح في الدعاء من سمات المسلم الموقن في الله، لأنه يعي جيدًا أنه مهما تأخرت الإجابة فإن الله يسمعه وسيجيبه يومًا ما.
ألح على الله
عزيزي المسلم، عليك بالإلحاح على الله ولا تمل أو تيأس، فالله سبحانه وتعالى لديه الكثير، لكنه يعطي بقدر وفي وقت معلوم يحسبه هو جيدًا، لكن عليك الاستمرار في الدعاء مهما تأخر.
يقول النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم: « ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ، ولا قطيعة رحم، إلا أعطاه بها إحدى ثلاث : إما أن يعجِل له دعوتَه ، وإما أن يدخرها له في الآخرة ، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها. قالوا: إذًا نكثر. قال : اللهُ أكثر»، إذن علينا الوثوق في لا إله إلا الله لأنه إذا أراد شيئا فإنما يقول له كن فيكون، ما بين طرفت عين وانتباهتها يغير الله من حال إلى حال، قال تعالى يوضح لك: « وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ » (البقرة: 186)، فلا إله إلا الله « يَسْأَلُهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ » (الرحمن: 29).
اقرأ أيضا:
صفِ قلبك.. ترى بعين الرحمنيسمعك مهما كنت
عزيزي المسلم، كن على يقين بأن الله عز وجل يسمعك مهما كنت ولو كنت في أعماق البحار، ولما لا وهو الذي سمع نبيه يونس عليه السلام فكيف به لا يسمعك، قال تعالى: «فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ » (الأنبياء: 87)، وهنا كانت الإجابة السريعة: « فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ».
فقد جاء في رواية أن سعيد أبن عنبسة قال: (بينما رجل جالس يعبث بالحصى ويحذف به قال إذ رجعت حصى ودخلت في أذنه فبقيت مدة من الزمن وهي تألمه وبينما هو ذات يومٍ جالس إذ سمع رجل يقرأ « أَمْ مَنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ » (النمل: 62)، فقال ذلك الرجل: يا رب يا رب أنت المجيب وأنا المضطر فاكشف ما بي من ضر، فنزلت الحصاة من أذنه في الحال.. فيا عزيزي المسلم كن (لحوحًا) في الدعاء تجد الإجابة يومًا ما لاشك.