يثير البعض بين الحين والآخر موضوع قوامة الرجل ويعتبرونها سيفا مسلطا على رقاب النساء .. حتى إن بعض الغرب يتخذ من هذا المفهوم الخاطئ لمعنى القوامة ذريعة للنيل من الإسلام وتشريعاته.
نظرة الإسلام للقوامة:
وإذا نظرنا للإسلام ومعنى القوامة فيه وشروطها يتبين لنا عدالته في توزيع الحقوق والواجبات وإعطاء كل ما يستحق وبهذا تدحض جميع الشبه ويظهر الأمر جليا لا سيما أن موضوع القوامة مذكور في القرآن الكريم في قول الله تعالى: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً) النساء/34، وبذلك فإن إثبات قوامة الرجل على المرأة، وولايته على تأديبها إذا خاف نشوزها.. ويبقى السؤال ما معنى القوامة وما أسبابها؟
معنى قوامة الزوج:
ومن أفضل ما قيل في تفسير القوامة للزوج على زوجته ما ذكره الدكتور عبد الرحمن عبد الخالق في كتابه الزواج في ظل الإسلام: نعني بالقوامة كون الرجل مسؤولاً عن تقويم زوجته، وأن له الكلمة الأخيرة في شئون الحياة الزوجية، وهذا الأمر قد ينظر أناس إليه أنه حق للرجل، ولكن يحسن بنا أن نجعله واجباً لا حقاً، فالرجل مسئول عن زوجته، لأنها رعية استرعاه الله إياها، كما قال صلى الله عليه وسلم: والرجل في بيته راع وهو مسئول عن رعيته ـ والقوامة لا تعني التسلط والقهر ولا إنفاذ رأي الرجل صواباً كان أو خطأ، وإنما تعني حسن السياسة وإدارة دفة الحياة الزوجية على وجه الشورى والإحسان والحرص الدائم على بذل النصح والخير، والوقوف الحازم أمام الانحراف والنشوز، وقال الزحيلي: " الرّجل قيّم على المرأة، أي هو رئيسها وكبيرها ، والحاكم عليها ، ومؤدبها إذا اعوجّت، وهو القائم عليها بالحماية والرعاية، فعليه الجهاد دونها، وله من الميراث ضعف نصيبها، لأنه هو المكلّف بالنّفقة عليها.
فالقوامة إذًا ليست تفضيلا مطلقا له، وإنما هي مسئولية وأمانة يترتب عليها حقوق وواجبات على كل طرف.
أسباب القوامة:
للقوامة سببان ذكرهما الله تعالى في كتابه الأول هبة من الله تعالى، وهو تفضيل الله الرجال على النساء، والثاني يناله الرجل بكسبه، وهو إنفاقه المال على زوجته، قال تعالى: ( بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ )، وقد ذكر سبحانه وتعالى القوامة في آية أخرى فقال: ( وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) ورد في تفسيرها ما قاله ابن كثير رحمه الله وقوله : (وللرجال عليهن درجة) أي في الفضيلة في الخَلق والخُلق ، والمنزلة وطاعة الأمر ، والإنفاق والقيام بالمصالح ، والفضل في الدنيا والآخرة.
وعليه فسبب القوامة أمران وهبي وهو تفضيل الله، وكسبي يرجع لكمال العقل وحسن التدبير، ومزيد القوة في الأعمال والطاعات، ولذلك خُصوا بالنبوة والإمامة والولاية وإقامة الشعائر والشهادة في مجامع القضايا، ووجوب الجهاد والجمعة ونحوها، وزيادة السهم في الميراث، وبأن الطلاق بيده.