عزيزي المسلم، اعلم يقينًا أن هناك فرقًا شديدًا بين أن تطلب الله في مسألة ما، وأن يطلبك هو، فإذا هو طلبك ؛ فكبر ولا تلتفت فإنه تلقاء وجهك في الصلاة، وإذا طلبته أنت ؛ (فأينما تولوا فثم وجه الله )، وإذا طلبك هو ؛ (وجّهْتُكَ )، وإذا طلبته أنت ؛ فالجهات لا توجهك ؛ لأنه ليس في جهة بعينها، وإذا طلبك هو ؛ أعناك ، وإذا طلبته أنت ؛ (وكَلْتُكَ لنفسك )، وإذا قلت (الله أكبر) فقد فهمت ؛ أن من توجهت إليه ، أكبر من صلاتك التي توجهت بها إليه ، فيقول لك : الآن فهمت قولك : وعلى الله فليتوكل المؤمنون ؛ لقد أردت لنا الاعتماد على ركن شديد ، فأنت الضامن والمضمون ، أما العمل فيحتاج لضامن وهو غير مضمون .
حاجتنا إلى الله
لاشك أن حاجتنا إلى الله لا يتشكك فيها أحد على الإطلاق، حتى من غير المسلمين، لكن كيف نلجأ إليه حين نحتاجه؟، لابد أولا أن نوقن أننا فقراء إلى الله عز وجل، نحن محتاجون إلى الله، نحن نعتمد على الله، وهذا الخلق في العالم في السماوات والأرض محتاجون إلى ربهم، قال تعلى يوضح ذلك: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاء إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ» (سورة فاطر 15)، فالخلق محتاجون إلى الله، فقراء إليه في إيجادهم.
قال تعالى: «هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئًا مَّذْكُورًا» (سورة الإنسان 1)، وهكذا، الخلق محتاجون إلى الله، أهل الإيمان في انتصارهم على عدوهم، ولذلك وقف نبينا الأكرم صلى الله عليه وسلم، في معركة بدر يناشد ربه وهو يرى أصحابه في نحو من ثلاثمائة، والعدو يفوقهم ثلاثة أضعاف في ألف، فرفع يديه يناشد ربه يقول: «اللهم أنجز لي ما وعدتني، اللهم آت ما وعدتني، اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام لا تعبد في الأرض».
اظهار أخبار متعلقة
في ظلمات البحر
عزيزي المسلم، أينما كنت، ولو كنت في ظلمات البحر، ادع الله ولا تتردد، فهو خالقك ولن يتردد على أن يمنحك ما تريد، بل أنك مهما طلبت بيقين، فإنه يمنحك إياه ولا يبالي، من دون أن ينقص من ذلك مقدار خردلة في ملكه سبحانه.
عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربِه عز وجل أنه قال : « يا عبادي كلكم جائع إلا من أطعمته ، فاستطعموني أُطعمكم ، يا عبادي كلكم عار إلا من كسوته ، فاستكسوني أكسكم ، يا عبادي إنكم تخطئون بالليلِ والنهار ، وأنا أغفر الذنوب جميعا فاستغفروني أغفر لكم ، يا عبادي إِنكم لن تبلغوا ضري فتضروني ، ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني ، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئا ، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجرِ قلب واحد منكم ما نقص من ملكي شيئا ، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني ، فأعطيت كل واحد مسألته ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر ، يا عِبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها ، فمن وجد خيرا فليحمد الله ، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه ».