عزيزي المسلم، اعلم يقينًا أنك طالما كان شعورك أنك ستموت على أمر ما، فاعلم أن هذا الأمر سيتأخر كثيرًا، لأن الشيء لا يأتي حين (تموت عليه).. وإنما يأتي حين تكون متقبلاً أنه لن يأتي، حينها سيأتي بأشكال وصور كثيرة وليس شكل واحد وستموت عليه..
وقتها ستتعلم ماذا يعني أن تتعلم الاختيار وأنت مركزيتك رب ( يدبر لك ) .. وستحمد الله عز وجل على أنك خرجت من سجن التعلق وفهمت ماذا يعني أنك .. حُر حقيقي!.. لأنك حُر بالله .. فهو يحبك وهو ادرى بمصلحتك واحتياجاتك عنك (يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى ).. لذا أطلب من الله عز وجل حالة تعيشها وليس شيء تحتاجه.
حكمة الله
عزيزي المسلم، اعلم يقينًا أن هناك من تأخر إجابة الدعاء من الله عز وجل، هذه الحكمة لن تعملها في وقتها، وإنما لكل حادث وقته، وهذا الوقت إنما هو بيد الله عز وجل وفقط.
ومِن لطيف حكمه أن منعنا علم ما ليس فيه شأننا، ولا فيه مصلحة لنا، بل نشأتنا غير قابلة له كعلم الغيب، فمَن تكلف معرفة علم ما غيبه الله عنا، واستأثر بعلمه، فقد ظلم نفسه، وبخس من التوفيق حظه، ولم يحصل إلا على الجهل المركب، والخيال الفاسد في أكثر أمره، وأما تأخير استجابة الدعاء فلحكمة بالغة.
فالعبد يدعو بالخير والشر، وبالمصلحة والمفسدة، وما فيه هلاكه وما فيه نجاته، والله تعالى البر الرحيم العليم الحكيم الخبير يعلم حقيقة الأشياء، فيعجل الإجابة ويؤخرها وفقًا لحكمة لا يعلمها إلا هو.
إياك عزيزي المسلم أن تتعجل، وقول: دعوت فلم يستجب لي، فإنه مِن موانع الإجابة، كما قال النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم -: «يستجاب لأخيكم ما لم يعجل، يقول: دعوت ولم يستجب لي».
اقرأ أيضا:
رسالة إلى من يدعون الفقر حتى "يخذوا العين".. احذروا قلة البركةالله يختص من يشاء
عزيزي المسلم، اعلم أن الله عز وجل يختص برحمته من يشاء من عباده، قال تعالى: «وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ » (البقرة: 105).
فأنت في إشكالية دومًا لأنه يغيب عنك حكمة الله فيما أنت فيه، والاهتمام بظاهر الحال، وعدم الانتباه للمعنى الباطن، فإن الله تعالى لما قال للملائكة: « إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ » (البقرة: 30)، فأجابهم بقوله: « إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ».
فالملائكة نظروا لظاهر خلق الإنسان، وأنهم أفضل منه، وغاب عنهم حكمة الله في خلق الإنسان، وأنت أيضًا دع الأمر كله تعش في سعادة لا تنتهي.