هناك حيرة كبيرة تجعل الإنسان يقف عاجزًا أمامها، وهي (كيف له أن يترك كل شيء على الله عز وجل، وهو في ذات الوقت بحاجة لأن يقرر من فوره)؟، هذه الحيرة تجعل الإنسان يخرج من دائرة التفكير والتحليل وفي نفس الوقت يعتقد أنه متوكلا على الله عز وجل .. وأنه بذلك يأخذ بالأسباب .. برغم أن الأخذ بالأسباب ليس له علاقة بالحالة التي أنت عليها من قلق وتوتر وانتظار وفوق ذلك شعور متباين.. ترى الله كأنه يقول لك (أنا بيدي كل شيء). وهنا خلاصة سعيك وقراراتك لن تخرج عن هذا المعنى.
قال تعالى: (إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِن كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا * فَأَتْبَعَ سَبَبًا ).. أي: أن كل الأسباب من حولك إنما هي إقرار من الله عز وجل، ومن ثم يجب أن يكون هناك مخرج من كل شيء مهما كان.
خلق الحلول
عزيزي المسلم، أوتدري أمرً، أن الله عز وجل يحمل عنك عبئًا في غاية الأهمية، ألا وهو أنه يمنع عنك خلق الحلول، هو فقط يمنحك السعي، لكن الحلول بيده هو سبحانه، فأنت لا توجدها و تخلقها، وإنما فقط تسعى وتتبع الخطوات، والله يحدد لك الحل من عنده..
لكن كيف تعرف أن تحدد هذه الخطوات؟.. أولى هذه الخطوات تأتي باليقين في الله عز وجل: (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ)، وهنا توقف واسأل نفسك لماذا الله يلزمنا بأن نرددها 17 مرة في صلاتنا طوال اليوم؟، نقولها حتى نتذكر الله في كل وقت، ونملأ بها قلوبنا وعقولنا طوال الوقت، بأن هذا هو الطريق الوحيد إلى الله عز وجل، وهو الصراط المستقيم .. سواء في الأسباب التي ستتبعها أو في أي شيء آخر مهما كان..
وهذا الطريق هو عهد و وصلة مع الله عز وجل، لذا يجب أن يكون مستمرًا طوال الوقت .. واستمراره يأتي بالبصيرة والتوفيق والبركة والهداية والطمأنينة من الله سبحانه وتعالى.. كلها أمور غير ملموسة .. العقل لا يدركها .. لكنها محسوسة جدًا.. وتحول كل شيء بلا مقاييس إلى ثبات !
تتبع الأسباب
حينها عزيزي المسلم، بهدوء ستتبع الأسباب التي ستوضع أمامك، وستجد نفسك تردد: ماذا اختار، هذا أم ذاك؟.. سترى أن عقلك وقلبك اتفقوا .. ومن ثم سيكون هناك خليط بين الأسباب المنطقية المدروسة والطمأنينة في الاختيار حتى لو كان غير مناسب .. ومن ثم فإنك لن تندم أبدًا.. لأنك ستعرف جيدًا أنها خطوات ومراحل لكن أنت ستكمل في ( الصراط المستقيم).
لذا ترى الله عز وجل يخاطب الصحابة الكرام الذين كانوا يستعدون لقتال المشركين: (وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ ).. ما استطعتم وفقط !.. أي أنك عليك اتباع الأسباب بهدوء وأنت على طريق الوصل .. ستسعي و تجتهد وأنت مطمئن .. ومن ثم ستكون النتيجة لاشك منتهى الرضا بالنتائج، لأنك موقن في قول الله تعالى: (وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلَّا عِندَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ ).